هذا الرجل؟! قالت : والله أرى أن تلحق به سريعا ، فان يكن الرجل نبيّا فللسابق إليه فضله ، وإن يكن ملكا فلن تذلّ في عز اليمن وأنت أنت. فقبلت قولها.
اسلام عدي الطائي :
ثم خرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله في مسجده فسلّمت عليه. ثم قال لي : من الرجل؟ فقلت : عديّ بن حاتم. فانطلق بي الى بيته ... إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته لحاجتها ، وأخذت تكلّمه في حاجتها طويلا وهو واقف لها! فقلت في نفسي : والله ما هذا بملك!
ولما دخل بي بيته [وأنا كافر] تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إليّ وقال لي : اجلس على هذه. فقلت : بل اجلس عليها أنت ، فقال : بل أنت فجلست عليها وجلس رسول الله بالأرض! فقلت في نفسي : والله ما هذا بأمر ملك!.
ثم قال لي : ايه يا عديّ بن حاتم ، ألم تكن ركوسيّا؟! قلت : بلى. قال : أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ قلت : بلى. قال : فانّ ذلك لم يكن يحلّ لك في دينك! قلت : أجل والله. وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل!
ثم قال : يا عدي ، لعلك انما يمنعك من دخول هذا الدين : ما ترى من حاجتهم؟! فو الله ليوشكنّ أن يفيض المال فيهم حتى لا يوجد من يأخذه!
ولعلّك إنمّا يمنعك من الدخول فيه : ما ترى من قلّة عددهم وكثرة عدوّهم؟! فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها تزور هذا البيت لا تخاف! ولعلّك انما يمنعك من الدخول فيه : أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم؟! وايم الله ليوشكنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم!
قال عدي : فأسلمت (١).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٢٥ ـ ٢٢٧ واختصر خبره الطبرسي في اعلام الورى ١ : ٢٥٢.