المغيرة يغير على اللات :
مرّ الخبر عن أبي مليح بن عروة وابن عمه قارب بن الاسود الثقفيّين ، وأنهما بعد قتل عروة بن مسعود لحقا بالمدينة فأسلما وبقيا في جوار المغيرة وأبي سفيان ، واليوم حيث أمرهما رسول الله بهدم اللات في الطائف ، وكان للّات أموال موقوفة من ذهب وفضة وغيرهما ، وكان عليهما من أبويهما دين. فجاء أبو مليح الى رسول الله وقال : يا رسول الله ، ان أبي قتل وعليه دين مائتا مثقال ذهب! فان رأيت أن تقضيه من حلي الربّة فعلت! فقال رسول الله : نعم.
فقال ابن عمّه قارب بن الأسود : وعن ابي ، الاسود بن مسعود ، فانه قد ترك دينا مثل دين أخيه عروة! فقال رسول الله : ان الأسود مات وهو كافر ، فقال قارب : انما انا المطلوب بالدين فهو عليّ ، وتصل به قرابة (يعني نفسه) فقال رسول الله : إذا افعل ، فأمر أبا سفيان والمغيرة بن شعبة أن يقضيا دينهما.
وخرجوا وهم بضعة عشر رجلا بعد الوفد بيومين أو ثلاثة (١) (في اواخر شهر رمضان) فلما قربوا من الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدّم أبا سفيان ، فأبى أبو سفيان وأقام بماله بذي الهدم (٢) أو ذي الهرم بقرب الطائف ، وتقدّم المغيرة ومعه بضعة عشر رجلا فدخلوا الطائف عشاء ، فباتوا ، ثم غدوا صباحا لهدم اللات ، وجاء قوم المغيرة بنو معتّب من الأحلاف حاملين سلاحهم يخافون أن يصاب كما اصيب عروة عمّه. وانكشف رجالهم وخرجت نساؤهم والأبكار والصبيان يبكون على اللات! فأخذ المغيرة المعول وقام على رأس اللات وضربها ضربة ... ثم قال : يا معشر ثقيف! كانت العرب تقول : ما حيّ من أحياء العرب أعقل من ثقيف (وأنا
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٧١.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٨٧.