الذي بلغكم ، فانّي أتوب إلى الله تعالى فاستغفر لي (١). فقال له رسول الله أنت آمنت بالله ثم (٢) قتلته بسلاحك في غرّة الإسلام؟! ثمّ رفع يديه ورفع صوته يتفقّد به الناس فقال : اللهم لا تغفر لمحلّم! ثلاثا ، ثمّ قال له : قم!
فقام من بين يدي رسول الله وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه!
وقال ضمرة بن سعد السلمي وكان حضر حنينا مع أبيه سعد : كنّا نتحدث فيما بيننا أن رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّما أراد أن يعلم قدر الدّم عند الله ، وإلّا فانّه حرّك شفتيه باستغفار له (٣).
فروى ابن اسحاق عن الحسن البصري قال : فو الله ما مكث محلّم بن جثّامة إلّا سبعا حتى مات ، فدفنوه ، فلفظته الأرض ، فأعادوه ، فأعادته الأرض ، فردّوه فردّته الأرض ، فطرحوه بين صخرتين ثم رموا عليه الحجارة حتى واروه! فبلغ ذلك رسول الله فقال : والله ، إنّ الأرض لتطابق على من هو شرّ منه ، ولكن الله أراد أن يعظكم في حرمة ما بينكم بما أراكم منه (٤).
وإلى الطائف :
مرّ عن ابن اسحاق : أن جفاة أهل مكة لما رأوا هزيمة المسلمين تكلم بعضهم
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٠.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٦.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٠ ، ٩٢١.
(٤) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٧. وعنه الواقدي ونقل مختصر خبره الطبرسي في مجمع البيان ٣ : ١٤٥. وسيأتي في حصار الطائف أن رجلا من بني ليث ـ قبيلة المقتول هنا ـ قتل رجلا من هذيل ، فأمر صلىاللهعليهوآله بالقصاص منه فكان أول قصاص! بينما مرّ قبل هذا غير واحد من مورد القصاص في المدينة قبل فتح مكة ، وإنمّا يحمل مثل هذا على مبلغ علم الراوي لا الاستقصاء.