كاملة وبيده درقة ، يقال له : مكيتل ، فقال : يا رسول الله ، والله ما وجدت لهذا القتيل شبها في غرّة الإسلام إلّا كغنم وردت (الماء) فرميت اولاها فنفرت اخراها (١) اسنن اليوم ، وغيّر غدا! (٢).
فرفع رسول الله يده فقال : بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا (٣).
فخلا الأقرع بن حابس بقيس وعيينة بن حصن فقال لهم : يا معشر قيس ، يستصلح رسول الله الناس في قتيل (بديته) فمنعتموه! أفأمنتم أن يغضب عليكم رسول الله فيغضب الله عليكم بغضبه؟! أو أن يلعنكم رسول الله فيلعنكم الله بلعنته؟! فو الذي نفس الأقرع بيده لتسلمن إلى رسول الله فليصنعنّ ما أراد ، أو لآتينّ بخمسين رجلا من بني تميم كلهم يشهدون بالله : أنّ صاحبكم قتل كافرا ما صلّى قط! فلا طلّن (اهدرنّ) دمه! فلما سمعوا بذلك قبلوا الدية (٤).
فلما قبل أولياء القتيل بالدية ، قال بعض من حضر لأولياء القاتل : أين صاحبكم هذا (القاتل) يستغفر له رسول الله؟ فتنادوه. فقام الرجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وعيناه تدمعان وقال : يا رسول الله ، قد كان من الأمر
__________________
(١) وكأنّه يهدّد رسول الله بالارتداد عن الإسلام لانهم وردوه في غرّته فنفروا عنه بقتل صاحبهم والحكم بالدية له وعدم القصاص له!
(٢) أي : اعمل بسنّتك في القصاص اليوم ، فإذا شئت أن تغيّر فغيّر بعدنا ، كما في النهاية ٢ : ١٨٦ فكأنه يتّهمه صلىاللهعليهوآله بتغيير سنّته في القصاص لهم! وكأنّه لهذا فسّر أبو ذر الخشني غيّر بأنها من الغيرة بمعنى الدية بحاشية السيرة ٤ : ٢٧٦.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٦.
(٤) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٧.