ابن جثّامة الليثي ، وكان في نفسه شيء من عامر بن الأضبط الأشجعي ، إذ مرّ بهم في ذلك الطريق ولم يكن علم إسلامه قبله إلّا أنه لما مرّ عليهم سلّم عليهم بتحيّة الإسلام ، ومع ذلك حمل عليه محلّم فقتله وسلبه. وفي شأنه نزلت الآية من سورة النساء : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا)(١). ثم لم يلقوا جمعا فرجعوا إلى المدينة ، وقبلها بليلة في منزل ذي خشب بلغهم خروجه صلىاللهعليهوآله إلى مكة ، فأخذوا على بين حتى لحقوا به في منزل السقيا (٢).
والأشجع من غطفان ورئيسهم يومئذ عيينة بن حصن الفزاري من غطفان ، وبنو ليث من بني تميم ويدفع عنهم الأقرع بن حابس التميمي ، ومحلّم القاتل حاضر في حنين ، ولم يذكروا لما ذا لم يطالب بدم المقتول الأشجعي قبل اليوم ، أما اليوم :
فقد روى ابن اسحاق بسنده عن عروة بن الزبير بن سعد السلمي ممّن حضر حنينا قال : صلى بنا رسول الله الظهر في حنين ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس تحتها ، فقام إليه عيينة بن حصن يطلب بدم عامر الأشجعي ، وقام إليه الأقرع بن حابس يدفع عن القاتل محلّم بن جثّامة وهو في طرف الناس وهو رجل طويل خفيف اللحم أسمر محمّر بالحنّاء كان قد استعدّ للقصاص في حلّة عليه.
قال سعد : فسمعنا عيينة بن حصن يقول للنبيّ : والله يا رسول الله لا أدعه حتى اذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي! ورسول الله يقول : بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا ، وخمسين إذا رجعنا (٣) وأبى عيينة! فارتفعت الأصوات وكثر اللغط ، إلى أن قام رجل من بني ليث ـ قبيلة المقتول ـ قصير مجتمع ، عليه أداة
__________________
(١) النساء : ٩٤ كذا ، بينما نزول السورة كان في السنة الرابعة للهجرة لا الثامنة.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٥ ومغازي الواقدي ٢ : ٧٩٧.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٧٥ ، ٢٧٦.