حزب الشيطان وحزب الرحمن :
إذا كان في أصحابه صلىاللهعليهوآله من ما زال يحيّيه بتحيّة الجاهلية ، ومن نهاه عن النجوى فعاد لذلك ، ومن يبخل عن الصدقة لنجواه فأمسك عنها بعد أن كان يطيلها معه فيحرم الآخرين منه ، ومن بدت الكراهية على وجهه لمّا أقامه ليجلس بمكانه الصحابيّ البدري. فلقد كان عبد الله بن نبتل ممن كان يجالسه ثم يرفع حديثه الى اليهود ، بل كان إذا خلا الى أصحابه يشتمونه صلىاللهعليهوآله!
فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بينا رسول الله في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين وقد كاد الظلّ يقلّص عنهم ، إذ قال لهم : سيأتيكم الآن انسان ينظر إليكم بعين شيطان! فإذا أتاكم فلا تكلّموه! فجاء رجل أزرق؟!
وعن مقاتل والسدّي : جاء عبد الله بن نبتل وكان أزرق العين ... فقال له رسول الله : علام تشتمني أنت وأصحابك؟! فحلف بالله ما فعل ذلك! فقال صلىاللهعليهوآله : علام تشتمني أنت وفلان وفلان ، وذكر أسماءهم! فحلف بالله ما فعل ذلك! فقال صلىاللهعليهوآله : بل فعلت!
فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبّوه! فنزل الوحي بقوله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ويعلم من الآية التالية أنّهم كانوا من الأثرياء الأغنياء الموسرين ذوي أموال وأولاد ، إذ قال تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) والآية التالية أمضت وصف النبيّ له بالشيطان : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ