سريّة أبي قتادة إلى خضرة (١) :
روى ابن اسحاق عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال : أقبل رجل من بني جشم يقال له : رفاعة بن قيس أو قيس بن رفاعة بقومه حتى نزل
__________________
ـ وائل كانت من بليّ ، فأراد أن يتألّفهم بذلك. فلما دنا من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا ، فخاف منهم ، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله يخبره ويستمدّه ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجرّاح في مائتين من سراة الأنصار والمهاجرين منهم أبو بكر وعمر فساروا وكان قبل هذا يسير الليل ويكمن النهار أما الآن فسار الليل والنهار حتى وطئ بلاد بليّ ، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا به تفرقوا ، حتى انتهى إلى أقصى بلاد بليّ وعذرة وبلقين ، فهناك لقي جمعا غير كثير ، فتراموا بالنبل وتقاتلوا ساعة ، ثم حمل المسلمون عليهم فهربوا وتفرّقوا ، وأقام عمرو هنالك أياما يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشياه والنّعم.
ويروون عن رافع بن عميرة الطائي أنه كان نصرانيا يدعى سيرجس فأسلم وانبعث في هذا البعث مع أبي بكر فاستنصحه فقال له : آمرك أن توحّد الله ولا تشرك به شيئا ، وأن تقيم الصلاة ، وأن تؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ هذا البيت ، وتغتسل من الجنابة ، ولا تتأمّر على رجلين من المسلمين أبدا.
فلما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر قدم عليه فقال له : يا أبا بكر ، ألم تك نهيتني عن أن أتأمّر على رجلين من المسلمين؟! فقال : بلى ، وأنا الآن أنهاك عن ذلك! قال : فما حملك على أن تلي أمر الناس؟! أو : مالك تأمّرت على أمّة محمد؟! قال : اختلف الناس فخشيت عليهم الهلاك ، ودعوا إليّ فلم أجد لذلك بدا ، أو : خشيت على امة محمد الفرقة! سيرة ابن هشام ٤ : ٢٧٢ ـ ٢٧٤ ومغازي الواقدي ٢ : ٧٧١ ـ ٧٧٢ وفي مقدمته ذكر أنها كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان.
(١) على عشرين ميلا (ثمانين كم) بناحية نجد عند بستان ابن عامر. مغازي الواقدي ١ : ٦.