وقام له المسلمون صفّين مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما بصر بالنبيّ صلىاللهعليهوآله ترجّل عن فرسه وأهوى إلى قدميه يقبّلهما ، فقال له : اركب ، فإن الله تعالى ورسوله عنك راضيان! فبكى أمير المؤمنين عليهالسلام فرحا. فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، لو لا أنّني أشفق أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم ، لقلت فيك ـ اليوم ـ مقالا لا تمرّ بملإ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك (١).
وانصرف عليّ عليهالسلام إلى منزله ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله لبعض من كان معه في الجيش : كيف رأيتم أميركم؟ قالوا : لم ننكر منه شيئا إلّا أنه لم يؤمّ بنا في صلاة إلّا قرأ بنا فيها بقل هو الله أحد فقال النبيّ لهم : سأسأله عن ذلك. فلما جاءه قال له : لم لم تقرأ بهم في فرائضك إلّا بسورة الإخلاص؟ فقال عليهالسلام : يا رسول الله أحببتها.
فقال له النبيّ عليهالسلام : فان الله قد أحبّك كما أحببتها (٢).
__________________
(١) الإرشاد ١ : ١١٦ ، ١١٧ و ١٦٥.
(٢) الإرشاد ١ : ١١٦ ، ١١٧. وروى خبر سورة التوحيد الصدوق في التوحيد : ٩٤ بسنده عن عمران بن الحصين الأنصاري : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله بعث سرية. ولم يسمّها. والطبرسي في إعلام الورى نقل ما ذكره المفيد في الإرشاد أولا ١ : ١١٣ ـ ١١٦. وأرسل النقل الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ١٦٧ ، ١٦٨ ، الحديث ٢٥٧. مع ذكر دور عمرو بن العاص في الغزوة نحو ما في الإرشاد. وأشار المفيد إلى أصحاب السير ولم يسمّهم ، وأشار الحلبي في مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٤٠ ، ١٤١ إلى أسمائهم فقال : وكيع والزجاج والثوري والسدّي ومقاتل وأبو صالح عن ابن عباس. مع ذكر دور خالد بن الوليد أو عمرو بن العاص.
أما ابن اسحاق والواقدي فقد قالا : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله بعث عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من أرض بني عذرة إلى الشام على ما بأرض جذام يقال له السّلسل وبذلك سميت الغزوة : ذات السلاسل. وذلك أنه بلغه أن جمعا من بليّ وقضاعة قد تجمّعوا يريدون المدينة ، فبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ، وأمره أن يستعين بمن مرّ به من العرب وهي بلاد بليّ وعذرة وبلقين. وانما اختاره النبيّ صلىاللهعليهوآله لان أمّ أبيه العاص بن