واختفى حويطب بن عبد العزّى في حائط عوف ، ودخله أبو ذر الغفاري لحاجته ، فلما رآه حويطب هرب ، فناداه أبو ذر : تعال ، أنت آمن! فرجع إليه ، فسلّم عليه أبو ذر وقال له : أنت آمن ، فإن شئت فاذهب إلى منزلك وإن شئت أدخلتك على رسول الله. فقال حويطب : وهل لي سبيل إلى منزلي! القى فاقتل قبل أن أصل إلى منزلي ، أو يدخل عليّ منزلي فاقتل! فقال أبو ذر : فأنا أبلغ معك إلى منزلك. فبلغ معه إلى منزله ، ثم جعل ينادي على بابه : إنّ حويطبا آمن فلا يهجم عليه. ثم انصرف أبو ذر إلى رسول الله فأخبره خبره ، فقال : أوليس قد أمّنّا كلّ الناس إلّا من أمرت بقتله (١).
وممّن أمر بقتله :
وكان ممّن أمر بقتله رسول الله : مقيس بن صبابة الليثي ، وكانت امّه من بني سهم فاختفى فيهم ، وتتّبع أخباره نميلة بن عبد الله الليثي حتى علم بمكانه في بني سهم ، فأتاه ودعاه ، وكان قد تنادم الخمرة فهو ثمل ومع ذلك خرج إليه ، وكأنّ الدار التي آوى إليها كانت بين الجبلين الصفا والمروة ، فخرج وهو يغنّي بشعر ، فضربه نميلة بسيفه ، ورآه المسلمون فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه (٢) فهو خامس من قتل من الرجال والنساء : عبد الله بن هلال بن خطل الأدرمي ، وحويرث بن نقيذ ، ومقيس بن صبابة هذا مع إحدى قينتي ابن خطل ، وسارة مولاة عمرو بن هاشم. أما هند بنت عتبة فقد أسلمت كما يأتي ، وأسلمت أمّ حكيم زوج عكرمة بن أبي جهل المخزومي فاستأمنت له فأمّنه النبي صلىاللهعليهوآله كما يأتي ، وعبد الله بن سعد بن أبي
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨٤٩ ، ٨٥٠.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٨٦٠ ، ٨٦١ وقد سبقت الإشارة إلى سبب هدر دمه في دخول مكة.