ابو سفيان في المدينة :
مرّ في الأخبار السابقة أن أبا سفيان كان في مكة حين نقض قريش لعهد الحديبية. وجاء فيما رواه الطبرسي في «إعلام الورى» عن أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي ، عن عيسى بن عبد الله الأشعري القمي ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : انتهى الخبر (بنقض قريش) إلى أبي سفيان وهو بالشام ، فأقبل حتى دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : يا محمد ، احقن دم قومك ، وأجر بين قريش ، وزدنا في المدة. قال صلىاللهعليهوآله : أغدرتم يا أبا سفيان؟ قال : لا. قال : فنحن على ما كنّا عليه. فخرج. فلقي أبا بكر ، فقال له : يا أبا بكر ، أجر بين قريش. قال أبو بكر : ويحك! وأحد يجير على رسول الله؟! ثم لقي عمر ، فقال له مثل ذلك (فأجابه بمثل ذلك أيضا).
ثم خرج فدخل على أم حبيبة (ابنته) فذهب ليجلس على الفراش ، فأهوت إلى الفراش فطوته! فقال لها : يا بنيّة ، أرغبة بهذا الفراش عنّي؟! قالت : نعم ، هذا فراش رسول الله ما كنت لتجلس عليه وأنت رجس مشرك (١).
فعدل إلى بيت أمير المؤمنين عليهالسلام فاستأذن عليه فأذن له ، فقال له : يا علي ، انك أمسّ القوم بي رحما وأقربهم منّي قرابة! وقد جئتك ، فلا أرجعنّ كما جئت خائبا ، اشفع لي إلى محمد في ما قصدته. فقال عليهالسلام : ويحك يا أبا سفيان ، لقد عزم رسول الله على أمر ما نستطيع أن نكلّمه فيه!
فالتفت أبو سفيان إلى فاطمة عليهاالسلام فقال لها : يا بنت محمد ، هل لك أن تأمري ابنيك أن يجيرا بين الناس ، فيكونا سيدي العرب إلى آخر الدهر! فقالت : ما بلغ بنيّاي أن يجيرا بين الناس ، وما يجير أحد على رسول الله صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ٢١٧ ونحوه في مجمع البيان ١٠ : ٨٤٥.