فأقبل على علي عليهالسلام فقال : يا أبا الحسن ، أرى الامور قد التبست عليّ ، فانصح لي! فقال له علي عليهالسلام : ما أرى شيئا يغني عنك ، ولكنّك سيّد بني كنانة (١) فقم فأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك! قال : فترى ذلك مغنيا عني شيئا؟ قال : لا والله ، ولكنّي لا أجد لك غير ذلك.
فقام أبو سفيان في المسجد فقال : أيها الناس ، إني قد أجرت بين الناس. ثم خرج (٢).
وروى مثله ابن اسحاق (٣) والواقدي وزاد : وكان قد طالت غيبته وأبطأ على قريش ، فاتهموه يقولون فيه : إنا نراه قد صبا فسيتبعه ويكتم إسلامه سرّا!
وبلغ بيته ليلا ، فلما دخل على هند قالت له : لقد حبست حتى اتّهمك قومك! فان كنت ـ مع طول الإقامة ـ جئتهم بنجح فأنت الرجل! فدنا وجلس إليها مجلس الرجل من امرأته ، فقالت : ما صنعت؟ فأخبرها خبره حتى قال : لم أجد إلّا ما قال لي عليّ! فقالت : قبّحت من رسول قوم! وضربت برجلها في صدره! فشعر من ذلك بشدة اتّهامه ، وأراد أن يبرأ إلى قريش من ذلك ، فلما أصبح حمل معه ذبيحة إلى الصنمين إساف ونائلة ، فحلق رأسه عندهما ثم ذبح لهما وأخذ يمسح رءوسهما بدم ذبيحته لهما وهو يقول لهما : لا افارق عبادتكما حتى أموت على ما مات عليه أبي! يريد بذلك أن يبرأ إلى قريش مما اتهموه به (٤).
فاجتمع إليه جمع من قريش فقالوا له : ما وراءك؟ قال : جئت محمدا
__________________
(١) يخصّه عليهالسلام ببني كنانة لعله يعرّض به أن النقض كان منهم.
(٢) الإرشاد ١ : ١٣٢ ، ١٣٣ ومثله في إعلام الورى ١ : ٢١٧ ـ ٢١٨ بالرواية عن عيسى بن عبد الله الأشعري القمي عن الصادق عليهالسلام. ونحوه في مجمع البيان ١٠ : ٨٤٦.
(٣) سيرة ابن هشام ٤ : ٣٨ ، ٣٩.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٧٩٥.