فتشاوروا واجتمع رأيهم على استنظاره الى صبيحة غد من يومهم ذلك. فلما رجعوا الى رحالهم قال لهم الاسقف : انظروا محمدا في غد فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء!
فلما كان من الغد جاء النبي آخذا بيد علي ، والحسن والحسين يمشيان بين يديه وفاطمة تمشي خلفه. وخرج النصارى يقدمهم اسقفهم ، فلما رأى الاسقف النبي ومن معه سأل عنهم ، فنظر الاسقف الى السيد والعاقب وعبد المسيح وقال لهم : انظروا إليه قد جاء بخاصّته من ولده وأهله ليباهل بهم واثقا بحقّه ، والله ما جاء بهم وهو يتخوّف الحجة عليهم ، فاحذروا مباهلته ، والله لو لا مكان قيصر لأسلمت له! ولكن صالحوه على ما يتّفق بينكم وبينه وارجعوا الى بلادكم وارتئوا لأنفسكم! فتبعوه.
فقال الاسقف : يا أبا القاسم ، إنّا لا نباهلك ولكنّنا نصالحك ، فصالحنا على ما ننهض به.
فصالحهم النبي على ألفي حلة قيمة كل حلّة أربعون درهما جيادا فما زاد أو نقص كان بحساب ذلك ، وكتب لهم النبي صلىاللهعليهوآله كتابا بما صالحهم عليه.
معاهدة نصارى نجران :
وكان الكتاب : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لنجران وحاشيتها : في كل صفراء وبيضاء وثمرة ورقيق لا يؤخذ منه شيء منهم غير ألفي حلة من حلل الأواقي (١) ثمن كلّ حلّة أربعون درهما ، فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك ، يؤدّون ألفا منها في صفر ، وألفا منها في رجب. وعليهم أربعون دينارا مثواة رسولي مما فوق ذلك. وعليهم في كل حدث يكون باليمن من كل ذي عدن :
__________________
(١) الأواقي : جمع الاوقية ، والاوقية وزن يعادل وزن أربعين درهما.