وفي نقل آخر للواقدي : أن العباس أقبل على حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فقال : أسلما ، فاني جار لكما حتى تنتهوا إلى رسول الله ، فاني أخشى أن تقطعوا دونه! فوافقوا ، فخرج بهم العباس حتى أتى رسول الله فدخل عليه فقال : يا رسول الله ، أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء قد أجرتهم ، يدخلون عليك؟ قال : أدخلهم. فدخلوا عليه .. فقال لهم : تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله؟! فشهدوا : أن لا إله إلّا الله ، وشهد بديل وحكيم بالرسالة ، ولم يشهد أبو سفيان! فقال النبيّ : وأنّي رسول الله! فقال أبو سفيان : يا محمد! والله إنّ في النفس من هذا لشيئا يسيرا بعد! فأرجئها! فقال رسول الله للعباس : قد أجرناهم ، فاذهب بهم إلى منزلك. فذهب بهم.
وأصبح الصباح :
قال العباس : فلما طلع الفجر أذّن العسكر كلّه! ومن أذانهم فزع أبو سفيان فقال لي : ما هذا؟ فقلت : الصلاة. فقال : كم يصلون في اليوم والليلة؟ قلت : يصلون خمس صلوات. فقال : والله كثير! ثم خرجا ووقفا حيث يرون رسول الله وهو يتوضأ ، ورآهم يبتدرون وضوء النبيّ (١) وأيدي المسلمين تحت شعره ، فليس قطرة تصيب رجلا منهم إلّا مسح بها وجهه! (٢). فقال لي : يا أبا الفضل ، ما رأيت ملكا هكذا قط ، لا ملك كسرى ، ولا ملك بني الأصفر (٣) فلما صلّى (٤) قال : أدخلني عليه يا أبا الفضل (٥).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٥ ، ٨١٦ والوضوء بفتح الواو : ماء الوضوء.
(٢) إعلام الورى ١ : ٢٢١.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٦ وبنو الأصفر : الروم.
(٤) إعلام الورى ١ : ٢٢١ وفيه أن أبا سفيان أسلم ليلا وعلّمه العباس الوضوء والصلاة فصلى معهم.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٦.