وأمّا مصير النصري المهزوم :
وكان مالك بن عوف النصري ـ قائد هوازن المهزوم في حنين ـ صهر أبي أميّة المخزومي ، فلما هزم مالك اسرت اسرته ضمن السبايا بأيدي المسلمين وعرفوا ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : اكرموا كريم كل قوم ذلّ ، وإنّما يكرم المرء في ولده وأهله ، لذلك أمر بإرسالهم إلى مكة عند عمتهم أمّ عبد الله بنت أبي أميّة ، وأوقف ماله ولم يسهم فيه (١).
فلما جاءه وفد هوازن سألهم عن مالك فقالوا : يا رسول الله ، هرب فلحق بحصن الطائف مع ثقيف. فقال لهم رسول الله : أخبروه : أنه إن كان يأتي مسلما رددت عليه أهله وماله ، وأعطيته مائة من الإبل!
فلما رجع الوفد وبلغ مالكا خبرهم ، وأن أهله وماله موقوفون غير مقسومين ، وما وعده رسول الله ، خاف مالك أن تعلم ثقيف بذلك فيحبسونه عندهم ، فأمر رجاله برحاله إلى دحنا في حومة الطائف ، وأمر أن يأتوا بفرسه ليلا إلى جدار الحصن ، فخرج من الحصن ليلا وجلس على فرسه حتى أتى دحنا فركب بعيره حتى أدركه صلىاللهعليهوآله محرما بالعمرة من الجعرّانة يريد الركوب إلى مكة. فأسلم لديه ، فأعطاه مائة من الإبل ، وأمر له بماله وأهله ثم عقد له لواء واستعمله على من أسلم من قومه من نصر وفهم وثمالة وسلمة والطوائف حول الطائف (٢).
__________________
ـ وقد استبطؤوه أكثر من شهر في ذلك! ولم يكن ذلك وهو راكب ، وانّهم هم نزعوه رداءه ولذلك طلبه منهم ، وليس ذلك من الجاهلين ببعيد ، ولا ضرورة لردّ ذلك إلى أعراب الطريق ـ كما في مغازي الواقدي ـ إلّا ابعادا لذلك عن نزاهة الصحابة كلهم! ولا ضرورة لذلك.
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٥٤.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٣٣ ، ١٣٤ ومغازي الواقدي ٢ : ٩٥٥ وفيه : فرجع حين