عيينة : لا والله ما لي حاجة بحملك! فقال له الفتى : أنت صنعت هذا بنفسك! عمدت إلى عجوز كبيرة ـ والله ـ ما ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد (عليها) فأخذتها من بين من ترى! فقال له عيينة : فلا حاجة لي فيها خذها لا بارك الله لك فيها! فقال الفتى : يا عيينة ، إنّ رسول الله قد كسا السبي فأخطأها الكسوة من بينهم ، أفما أنت كاسيها ثوبا؟! فما فارقه حتى أخذ منه شمل ثوب ، ثم ولّى الفتى بامه وهو يقول لعيينة : انّك غير بصير بالفرص!
وروى الواقدي عن معاذ بن جبل عنه صلىاللهعليهوآله قال يومئذ : لو كان ثابتا على أحد من العرب ولاء أو رقّ لثبت اليوم ، ولكن إنّما هو أسار وفدية. وجعل رسول الله الفداء يومئذ : ستّ فرائض : ثلاث حقاق وثلاث جذاع (١).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٥٣ ، ٩٥٤. والحقاق : جمع حقّة : الناقة في الرابعة. والجذاع : جمع جذعة : الناقة في الخامسة.
وقال ابن اسحاق : ولما فرغ رسول الله من ردّ سبايا حنين إلى أهلها ركب ، واتّبعه الناس يقولون : يا رسول الله اقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم ، حتى ألجؤوه إلى شجرة (سمرة) فاختطفت (الشجرة) عنه رداءه! فقال لهم : أدّوا إليّ ردائي أيها الناس (كذا) فو الله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذّابا ٤ : ١٣٤ ، ١٣٥.
بينما مرّ عن مغازي الواقدي ٢ : ٩٤٢ أن ذلك كان من الأعراب في طريقه.
وعلّقت عليه : أن ذلك لا يناسب قوله : لقسمته بينكم ، فالقسمة يناسب الغنيمة.
ومرّ عن الواقدي أيضا أنه صلىاللهعليهوآله بدأ بالأموال فقسمها ثم أقام يتربّص أن يقدم عليه وفدهم ٢ : ٩٤٤ ثم قسم السبي ، فجاء وفدهم فقال لهم : قد استأنيت بكم حتى ظننت أنكم لا تقدمون ٢ : ٩٥٠ وهذا هو الأنسب به صلىاللهعليهوآله لا العكس. وإذا كان راكبا ـ كما في الخبر ـ فكيف ألجؤوه إلى شجرة فاختطفت الشجرة (كذا) رداءه فطلب رداءه منهم؟! اللهم إلّا أن يقال : إنّ ذلك كان في بداية وصوله إلى الجعرّانة قبل أن يبدأ بتقسيم الأموال ، ولم يعرفوا عزمه على ذلك ،