فكنت أقول : يا رسول الله ، مرة واثنتين أو ثلاثا فاعرض ثم أقبل عليّ فقال : يا فاطمة ، انّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر! قولي : يا أبه ، فانها أحيا للقلب وأرضى للربّ (١) وهو كما ترى من حيث الاسناد.
فعن مجاهد وقتادة : لا تقولوا : يا محمد ، كما يقول بعضكم لبعض ، بل قولوا له : يا رسول الله ، ويا نبيّ الله ، بالخضوع والتعظيم. وعن ابن عباس : احذروا فيما بينكم ـ إذا أسخطتموه ـ دعاءه عليكم فانه مستجاب لا كدعاء غيره (٢).
وحكاهما الطبرسي في «مجمع البيان» وزاد معنى ثالثا لا يبعد عن تعظيمه أيضا : أن لا تجعلوا دعوة الرسول لكم الى شيء أو أمر كدعوة بعضكم لبعض ، فليس الذي يدعوكم إليه كما يدعو بعضكم بعضا ، إذ إنّ في القعود عن أمره قعودا عن أمر الله تعالى (٣) وهذا أوفق بسياق الآية كما قال الطباطبائي (٤).
امتحان الإيمان :
والسورة التالية في النزول سورة الحج (٥) ، والآية الثالثة فيها : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) والثامنة : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ٣٢٠ وعنه في بحار الأنوار ٤٣ : ٣٧.
(٢) التبيان ٧ : ٤٥٧.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٢٤٨ ، ٢٤٩.
(٤) الميزان ١٥ : ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٧١.
(٥) التمهيد ١ : ١٠٧ ومجمع البيان : ١ : ٦١٢ ، ٦١٣ وهنا في ٧ : ١١٢ روى خبرا عن أبي سعيد الخدري وعمران بن الحصين أن الآيتين ١ و ٢ نزلتا في غزوة بني المصطلق. وفيه غرائب ، وينافي ما رواه في ترتيب النزول ، فلا عبرة به.