حوار أبي سفيان ورسول الإيمان :
قال العباس : فلما أصبحت غدوت به ، فلما رآه رسول الله قال : ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلّا الله؟! قال : بأبي أنت ، ما أحلمك وأكرمك! وأعظم عفوك! قد كان يقع في نفسي أنه لو كان مع الله إله لقد أغنى عنّي شيئا بعد (١) يا محمد! استنصرت إلهي واستنصرت إلهك. فلا والله ما لقيتك من مرة إلّا ظفرت عليّ! فلو كان الهي محقّا وإلهك مبطلا غلبتك! (٢).
فقال صلىاللهعليهوآله : يا أبا سفيان : ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟! فقال ابو سفيان : بأبي أنت وامّي ، ما أحلمك وأكرمك! وأعظم عفوك! أما هذه فو الله إنّ في النفس منها لشيئا بعد! فقلت له : ويحك ، اشهد أن لا إله إلّا الله واشهد أنّ محمدا عبده ورسوله! (٣). فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (٤) ثم قال : يا محمد! جئت بأوباش الناس! من يعرف ومن لا يعرف ، إلى أصلك وعشيرتك؟! فقال رسول الله : أنت أظلم وأفجر! غدرتم بعهد الحديبية ، وظاهرتم على بني كعب (من خزاعة) بالإثم والعدوان في حرم الله وأمنه! فقال أبو سفيان : يا رسول الله ، وحيّكم؟! لو كنت جعلت حدّتك ومكيدتك بهوازن فهم أبعد رحما وأشدّ لك عداوة! فقال رسول الله : إنّي لأرجو من ربّي أن يجمع ذلك لي كله بفتح مكة وإعزاز الإسلام بها ، وهزيمة هوازن! وأن يغنّمني الله أموالهم وذراريهم ، فإني
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٨.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٦.
(٣) في إعلام الورى ١ : ٢٢١ يضرب عنقك أو تشهد. وفي السيرة : قبل أن تضرب عنقك ٤ : ٤٦ ولكن ليس فيه اجارته من قبل العباس.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٨.