قال : ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا : بلى. قال : فهل يعلم عيسى من ذلك إلّا ما علّم؟ قالوا : لا!
قال : فإنّ ربّنا صوّر عيسى في الرحم كيف شاء ، وربّنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث ، قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته امّه كما تحمل المرأة ، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذّي كما يغذّى الصبي ، ثم كان يطعم ويشرب ويحدث؟ قالوا : بلى!
قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم؟! فسكتوا ، فأنزل الله فيهم سورة آل عمران الى بضع وثمانين آية منها (١).
وقال المفيد في «الارشاد» : قال الاسقف : يا محمد ، ما تقول في السيّد المسيح؟ قال النبي : هو عبد لله اصطفاه وانتجبه. فقال الاسقف : يا محمد ، أتعرف له أبا ولده؟ فقال النبيّ : لم يكن من نكاح فيكون له والد. فقال الاسقف : فكيف قلت : إنّه عبد مخلوق وأنت لم تر عبدا مخلوقا إلّا عن نكاح؟!
فأنزل الله سورة آل عمران الى قوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَن ا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)(٢) فتلاها عليهم ودعاهم الى المباهلة وقال : إن الله عزّ اسمه أخبرني : أنّه ينزل العذاب عقيب المباهلة على المبطل وبذلك يبيّن الحق من الباطل.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٦٩٥ ، ٦٩٦ ، وأشار إليه في التبيان ٢ : ٣٨٨ عن الربيع وابن اسحاق فقط ، وابن اسحاق في السيرة ٢ : ٢٢٢ عن كرز بن علقمة أخي أبي حارثة ، وعن محمد بن جعفر بن الزبير ، ولم يذكر إقدام الرسول للمباهلة بأهل بيته عليهمالسلام.
(٢) آل عمران : ٥٩ ـ ٦١.