ومرّ الخبر عن بعث النبيّ صلىاللهعليهوآله الطفيل بن عمرو الدّوسي إلى قبيلته الدّوس ، وأنه أمره أن يستمدّ منهم ويوافيه بالطائف ، فأسرع معه أربعمائة رجل من قومه ، وقدم معه بمنجنيق ودبّابتين ، فوافوا النبيّ صلىاللهعليهوآله بالطائف بعد مقامه بأربعة أيام فاليوم حاول المسلمون أن يفيدوا من الدبّابتين وعليهما جلود البقر ، فدخلوا تحتهما ثم زحفوا بهما إلى جدار الحصن ليحفروه وينقبوه. فأحموا لهم سكك الحديد وأرسلوها عليهم فاحترقت الدّبابتان وخرج المسلمون من تحتهما ، فرمتهم ثقيف بنبالهم فقتل منهم رجال واصيب آخرون. فقيل لذلك اليوم : يوم الشدخة ، لما قتل واصيب فيه من المسلمين.
قال : فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقطع كل رجل من أعنابهم خمس حبلات (١).
مما يؤكل ثمره ، وقال : من قطع حبلة فله حبلة في الجنة. فجعل المسلمون يقطعونها قطعا ذريعا. فنادى سفيان بن عبد الله الثقفي : يا محمد ، لم تقطع أموالنا؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا ، وإما أن تدعها لله وللرّحم كما زعمت! فقال رسول الله : فإنّي أدعها لله وللرّحم (٢).
وكان رجل منهم يقوم على الحصن فيقول للمسلمين : روحوا رعاء الشاء! رحوا عبيد محمد! روحوا جلابيب محمد! أترونا نتباءس على أحبل من كرومنا أصبتموها؟! فقال رسول الله : اللهم روّح مروّحا إلى النار! فأهوى إليه سعد بن أبي وقّاص بسهم في نحره ، فهوى من الحصن ميّتا ، فسرّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك (٣).
__________________
ـ لسلمان بهذه المشورة المثمرة فقال : بل جاء بالمنجنيق ودبابتين الطفيل بن عمرو الدّوسي من أرض الدوس! ولم يعهد منهم ذلك ، ولعلّه لذلك قال آخر : بل جاء بهما خالد بن سعيد بن العاص من الجرش في اليمن. م. ن. (١) الحبلة : شجر العنب أو المثمر منه.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٨ وعنه في إعلام الورى ١ : ٢٣٤ وفي شرح المواهب اللدنية ٣ : ٣٧ : أن الرحم هنا لأن إحدى امهات آمنة بنت وهب هند بنت يربوع الثقفي.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٩ ، ٩٣٠.