وفي «جامع الأخبار» بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : لما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجة الوداع ، جاءه جبرئيل في الطريق وقرأ عليه هذه الآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) فقال رسول الله : يا جبرئيل إنّ الناس حديثو عهد بالإسلام ، فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا. فعرج جبرئيل.
ونزل عليهالسلام في اليوم الثاني ورسول الله نازل بالغدير (كذا) فقال له : يا محمد (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ...) فقال له : يا جبرئيل ، أخشى من أصحابي أن يخالفوني! فعرج جبرئيل.
ونزل عليه في اليوم الثالث ورسول الله بالغدير وقال له : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...) فلما سمع رسول الله هذه المقالة قال للناس : والله ما أبرح هذا المكان حتى أبلّغ رسالة ربّي (١).
وهنا كلام آخر للعلّامة الطباطبائي قال فيه : غير أن هاهنا أمرا يجب التنبّه له ، وهو أن التدبّر في الآيتين الكريمتين الثالثة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) والسابعة والستين : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) والأحاديث فيهما من طرق الفريقين ، وأخبار الغدير المتواترة ، ودراسة أوضاع المجتمع الإسلامي الداخلية في أواخر عهد رسول الله والبحث العميق فيها ، يفيد القطع بأن : أمر الولاية كان نازلا قبل يوم الغدير بأيام ، وكان النبي يتّقي الناس في إظهاره يخاف أن لا يتلقوه بالقبول ، أو يسيئوا القصد إليه فيختلّ أمر الدعوة ، فكان لا يزال يؤخّر تبليغه الناس من يوم الى غد حتى نزلت الآية (٦٧) فأنجزه.
__________________
(١) جامع الأخبار : ١٠ ـ ١٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٣٧ : ١٦٥ ، ١٦٦ ح ٤٤.