حتى بلغ موضع كراع الغميم فأتاه جبرئيل بالذي أتاه فيه من قبل الله ولم يأته بالعصمة ، فرحل ، فلما بلغ غدير خم أتاه جبرئيل عليهالسلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والعصمة من الناس : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...)(١).
وروى العياشي عن الصادق عليهالسلام قال : كانت ولاية علي عليهالسلام قد نزلت بمنى ، وامتنع رسول الله صلىاللهعليهوآله من القيام بها ، لمكان الناس ، ورجع من مكة وقد شيّعه خمسة آلاف من أهل مكة (٢) ، فلما انتهى الى الجحفة نزل جبرئيل عليهالسلام فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...) أي مما كرهت بمنى.
وبمعناه ما رواه قبله عن أبيه الباقر عليهالسلام قال : نزل جبرئيل عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله بإعلان أمر علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فلم يأخذ بيده فرقا من الناس ومكث ثلاثا حتى أتى الجحفة ، فلما نزل المهيعة من الجحفة يوم الغدير نادى : الصلاة جامعة (٣).
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٦٩ ، ٧٠ وعليه يحمل ما في كشف اليقين عن كتاب ابن أبي الثلج البغدادي عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ الله أنزل على نبيّه بكراع الغميم : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) في علي ، أي بدون ذكر العصمة. بحار الأنوار ٣٧ : ١٣٧. وبه يصحّح ما رواه القمي في تفسيره عن الصادق عليهالسلام عن أبيه الباقر عليهالسلام : أنّه نزل في كراع الغميم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...).
(٢) هذا بعد أن قال : تبعه من أهل المدينة خمسة آلاف ، فكان له عشرة آلاف شاهد. وأشار إليه الحلبي في المناقب ٣ : ٣٥ وسيأتي البحث في عدد الجمع.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٣٣٢ ح ١٥٤ و ١٥٣.