وروى الطبرسي في «الاحتجاج» بسنده عن الطوسي عن الباقر عليهالسلام قال : لما وقف رسول الله صلىاللهعليهوآله بالموقف أتاه جبرئيل عن الله تعالى فقال له : يا محمد ، إنّ الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك : إنه قد دنا أجلك ومدّتك ، وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا محيص عنه ، فاعهد عهدك وقدّم وصيّتك ، واعمد الى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك ، والسلاح والتابوت (كذا؟) وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ، فسلّمه الى وصيّك وخليفتك من بعدك ، حجتي البالغة على خلقي : علي بن أبي طالب ، فأقمه للناس علما ، وجدّد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم ، وعهدي الذي عهدت إليهم : من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة : علي بن أبي طالب ، فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء إلّا من بعد إكمال ديني وحجّتي وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك كمال توحيدي وديني وتمام نعمتى على خلقي باتّباع وليّي وطاعته وذلك أني لا أترك أرضي بغير وليّ ولا قيم ، ليكون حجة لي على خلقي ، فأقم ـ يا محمد ـ عليا علما ، وخذ عليهم البيعة ، وجدّد عهدي وميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه ، فإني قابضك إليّ ومستقدمك عليّ.
قال الباقر عليهالسلام : فخشي رسول الله صلىاللهعليهوآله من قومه ، وأهل النفاق والشقاق أن يتفرّقوا ويرجعوا الى الجاهلية ، لما عرف من عداوات وما تنطوي عليه أنفسهم من العداوة والبغضاء لعلي عليهالسلام. فسأل جبرئيل أن يسأل ربّه له العصمة من الناس ، وأخّر ذلك وانتظر أن يأتيه جبريل عن الله جلّ اسمه بالعصمة من الناس ، الى أن بلغ مسجد الخيف.
فأتاه جبرئيل عليهالسلام في مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس يهتدون به من دون أن يأتيه بالعصمة من الله جلّ جلاله بالذي أراد.