وكأنّ الآية ١٥ تعود إليه : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ...).
وروى الطوسي عن قتادة عن ابن عباس : أن الضمير : (لَنْ يَنْصُرَهُ) عائد إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، بمعنى : من كان يظن أنّ الله لا ينصر نبيّه ولا يعينه على عدوّه ويظهر دينه ، فليمت غيظا : (فَلْيَمْدُدْ) بحبل إلى سماء بيته ثم ليقطع حياته به فيذهب ويذهب غيظه معه. وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين يخشون أن لا يتم له أمره (١).
وقالوا : إنّ الضمير يرجع للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّ مشركي مكة كانوا يظنون أنّ الذي جاء به النبيّ من الدين احدوثة كاذبة لا تبتني على أصل عريق ، فلا يرتفع ذكره ولا ينتشر خيره ، ولا منزلة له عند ربّه. حتى إذا هاجر إلى المدينة فنصره الله وبسط دينه ورفع ذكره غاظهم ذلك غيظا شديدا. فقرعهم الله بهذه الآية أشار بها إلى أنّ الله ناصره ، ولن يذهب غيظهم ولو خنقوا أنفسهم (٢).
وكل هذا يؤيّد نزول السورة بعد فتح مكة وحنين ، وخضوع عاصمة المشركين للمسلمين. وإليه يعود ما في الآية ١٩ : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا ...).
وفي تفسير القمي : نحن وبنو اميّة قلنا : صدق الله ورسوله ، وقال بنو اميّة : كذب الله ورسوله (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) هم بنو اميّة (٣).
وروى الواحدي بسنده عن علي عليهالسلام قال : فينا نزلت هذه الآية في مبارزتنا
__________________
(١) التبيان ٧ : ٢٩٨ و ٢٩٩.
(٢) الميزان ١٤ : ٣٥٢.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٨٠ ومثله مسندا عن الحسين عليهالسلام في الخصال ١ : ٤٢ ، ٤٣.