وقد مرّ في عقد الالوية والرايات أنه صلىاللهعليهوآله أمر أن يحمل رايات الاوس والخزرج اكثرهم أخذا للقرآن ، فكان أبو زيد قيس بن السكن الأوسي يحمل راية بني عمرو بن عوف ... فقال وديعة بن ثابت منهم : مالي أرى قرّاءنا هؤلاء أو عبنا بطونا وأجبننا عند اللقاء وأكذبنا ألسنة؟! (١) وقال الجلاس بن سويد منهم : هؤلاء سادتنا وأشرافنا وأهل الفضل منّا! والله لئن كان محمّد صادقا لنحن شرّ من الحمر! (٢).
فقال له ربيبه عمير بن سعد : يا جلاس! والله انك لأحب الناس إليّ وأحسنهم عندي يدا ، وأعزّهم عليّ أن يصيبه شيء يكرهه ، ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنّك! ولئن صمت عليها ليهلكن ديني ، ولإحداهما أيسر عليّ من الاخرى! ثم مشى الى رسول الله فذكر له ما قال جلاس (٣).
فقال رسول الله لعمّار بن ياسر : الحق القوم فانهم احترقوا! فقال لهم : ما قلتم؟! قالوا : ما قلنا شيئا ، انما كنا نقول شيئا على حدّ اللعب والمزاح (٤) وفي رواية أبي الجارود عن الباقر عليهالسلام قال : هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد ايمانهم ، وهم أربعة نفر أحدهم مخشي بن حمير الأشجعي (وهذا) اعترف وتاب وقال : يا رسول الله أهلكني اسمي! فسمّاه رسول الله : عبد الله بن عبد الرحمن ، فقال : يا ربّ اجعلني شهيدا حيث لا يعلم أحد أين أنا (٥).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٠٣ و ١٠٦٦ ، ١٠٦٧.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٠٤.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ١٦٦.
(٤) فأنزل الله (فيما بعد): (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ...) التوبة : ٦٥.
(٥) فقتل يوم اليمامة ، ولم يعلم أحد اين قتل. تفسير القمي ١ : ٣٠١.