وعادت الآية ٧٩ : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ...) الى الصدقات غير الفريضة بل المتطوع بها للجهاد الى تبوك ، وسخرية المنافقين ولمزهم بهم ، فروى الطوسي عن قتادة وغيره من المفسّرين : أن المؤمن المتطوّع صدقة للغزوة هو عبد الرحمن بن عوف حيث جاء بشطر ماله أربعة آلاف دينار ، وان المؤمن الذي لم يجد الّا جهده حجاب بن عثمان اذ أتى النبي بصاع من تمر وقال : يا رسول الله اني عملت في النخل بصاعين من تمر فتركت صاعا للعيال وأهديت صاعا لله. وقيل : الأول هو زيد بن أسلم العجلاني ، والثاني علبة بن زيد الحارثي. فقال عبد الله بن نبتل او نهيك ومعتّب بن قشير في الأول : انه عظيم الرياء! وفي الثاني : ان الله لغنيّ عما أتى به! (١).
وفي الآية التالية : ٨٠ قال الطوسي : كان النبي صلىاللهعليهوآله اذا مات ميّت صلى عليه واستغفر له فأنزل الله عليه هذه الآية يعلمه بها ان في جملة من تصلي عليه من هو منافق وأنّ استغفاره له لا ينفعه قلّ ذلك أو كثر : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ...) فما روي عنه صلىاللهعليهوآله انه قال : «والله لأزيدنّ على السبعين» خبر واحد لا يلتفت إليه ، لأنّ في ذلك : ان النبي استغفر للكفار ، وذلك لا يجوز بالاجماع (٢). ثم نهى الله نبيّه أن يصلّي على أحد منهم وأن يستغفر له بقوله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ)(٣) فنقل ما مرّ عن قتادة عن ابن عباس وعن جابر وابن عمر : انه صلىاللهعليهوآله صلى على ابن أبي قبل أن ينهى عن الصلاة على المنافقين (٤) مما يعني أن السورة نزلت بعد موت ابن ابي
__________________
(١) التبيان ٥ : ٢٦٦ واقتصر في مجمع البيان ٥ : ٨٤ على ابن عوف وابن زيد الحارثي.
(٢) التبيان ٥ : ٢٦٨ وعنه في مجمع البيان ٥ : ٨٤.
(٣) التبيان ٥ : ٢٦٨.
(٤) التبيان ٥ : ٢٧١ وعنه في مجمع البيان ٥ : ٨٧.