وبشيء من التفصيل : روى القمي في تفسيره بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله كان سيدهم الأيهم (١) والعاقب والسيّد (ودخلوا مسجده) وحضرت صلاتهم (وكانوا يحملون ناقوسهم) فضربوه واصطفوا لصلاتهم. فقال أصحاب رسول الله له : هذا في مسجدك؟ فقال : دعوهم.
فلما فرغوا دنوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا له : الى ما تدعو؟ فقال صلىاللهعليهوآله : الى شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله ، وأنّ عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث. فقالوا : فمن أبوه؟ فنزل عليه الوحي قال : قل لهم : ما تقولون في آدم عليهالسلام؟ أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب وينكح؟ فسألهم النبيّ ذلك ، فقالوا نعم ، فقال : فمن أبوه؟ فبهتوا وبقوا ساكتين.
فأنزل الله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)(٢).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فباهلوني ، فإن كنت صادقا انزلت اللعنة عليكم ، وإن كنت كاذبا نزلت عليّ ، فقالوا له : أنصفت! فتواعدوا للمباهلة ، ورجعوا إلى منزلهم.
فقال رؤساؤهم : إن باهلنا بقومه باهلناه فانه ليس بنبيّ ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله ، فإنه لا يقدم على أهل بيته إلّا وهو صادق.
فلما أصبحوا (صباح اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة) جاءوا الى
__________________
(١) في المصدر : الأهتم ، وأثبتنا ما في سائر الأخبار.
(٢) آل عمران : ٥٩ ـ ٦٣.