واقفا (١) جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون الى جانبها ، فنحاها ، ففعلوا مثل ذلك فقال : ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله ، وأومأ بيده الى الموقف فتفرّق الناس (٢).
وقال : إنّ أفضل دعائي ودعاء من كان قبلي من الأنبياء : «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير» ووقف رسول الله على راحلته وهو مادّ يديه يدعو ويمسح براحتيه على وجهه ، حتى غربت الشمس.
وكان أهل الجاهلية يفيضون من عرفة وقد بقي من الشمس على رءوس الجبال كهيئة العمائم على رءوس الرجال ، فظن قريش أن رسول الله يفعل كذلك ، ولكنّه أخّر ذلك حتى غربت الشمس (٣).
ثم لم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا ، فأردف اسامة خلفه ودفع رسول الله وقد شنق زمام القصواء حتى أنّ رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول للناس وهو يشير بيده : أيها الناس! السكينة السكينة (٤) أو : أيها الناس ، على رسلكم وعليكم بالسكينة وليكف قويّكم عن ضعيفكم. وكانت قريش توقد نارا على جبل قزح ، فكانوا قد أوقدوها ، فسار النبي من يسار الطريق بين المأزمين وهو شعب الإذخر يؤم تلك النار حتى نزل قريبا منها (٥) وفي المأزمين
__________________
(١) بحار الأنوار ٢١ : ٤٠٥ عن المنتقى ، ما في صحيح مسلم ٤ : ٣٦ عن الصادق عن الباقر عن جابر.
(٢) المصدر السابق ٢١ : ٣٩٢ ، عن فروع الكافي ١ : ٢٣٣.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ١١٠٤.
(٤) المصدر الأسبق.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ١١٠٥.