وفي الآية الأخيرة : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٩٣).
وقال القمي في تفسيره للآية : فلما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال المهاجرون والأنصار للنبيّ : يا رسول الله ، قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر ، وقد سمّاه الله رجسا وجعله من عمل الشيطان وقلت فيه ما قلت ، أفيضرّ أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله الآية (١).
والآيات بعدها من (٩٤) الى (٩٩) عادت الى بيان أحكام صيد البرّ والبحر حال الاحرام ، مما يناسب نزول السورة في حجة الوداع.
اما الآية المائة : (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري : أنّ الله حرّم شرب الخمرة وقال النبي فيها : إنّ الله لعن عاصرها وبائعها وآكل ثمنها ، فقام إليه أعرابي فقال : يا رسول الله اني اقتنيت من بيع الخمر مالا ، فهل ينفعني إن عملت فيه بطاعة الله؟ قال له النبي صلىاللهعليهوآله : إن الله لا يقبل إلّا الطيّب فإن أنفقته في صدقة أو حجّ أو جهاد لم يعدل عند الله جناح بعوضة! وأنزل الله تصديقا له الآية : (قُلْ لا يَسْتَوِي)(٢).
__________________
ـ الطباطبائي أورد هذين الخبرين وقال : إنّ الشارع تدرّج في تحريم الخمر ولكن لا ... لمصلحة السياسة الدينية في إجراء الأحكام الشرعية! الميزان ٦ : ١١٧.
(١) تفسير القمي ١ : ١٨١ ، ١٨٢ ورواه الطوسي عن ابن عباس ٤ : ٢٠ وعنه في مجمع البيان ونحوه في أسباب النزول للواحدي : ١٧٠ عن البخاري عن البراء بن عازب.
(٢) أسباب النزول للواحدي : ١٧١.