التسليم لجميع ما يرد عليه بالطرق المعتبرة من أخبار الأئمّة عليهمالسلام ، كما يظهر ذلك من الأخبار الواردة في باب التسليم لما يرد من الأئمّة عليهمالسلام ، منها قوله : (لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما يرويه عنّا ثقاتنا) (١) ، وكان التسليم لكلا الخبرين الواردين بالطرق المعتبرة المتعارضين ممتنعا وجب التسليم لأحدهما مخيّرا في تعيينه.
ثمّ إنّ هذا الوجه وإن لم يخل عن مناقشة أو منع ، إلّا أنّ مجرّد احتماله يصلح فارقا
____________________________________
(قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار) ـ الواردة في علاج التعارض بين الخبرين ـ : (بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك) ، أي : يجوز لك ، حيث يكون التعبير بالأخذ(من باب التسليم) إشارة إلى وجوب تسليم المكلّف لجميع ما يرد عليه من الأئمة عليهمالسلام بالطرق المعتبرة ، ولمّا كان التسليم لكلا الخبرين المتعارضين غير ممكن ، وجب التسليم لأحدهما مخيّرا.
(ثمّ إنّ هذا الوجه وإن لم يخل عن مناقشة أو منع ... إلى آخره).
لأنّ وجوب الأخذ بأحد المتعارضين تخييرا مبني على أن يكون اعتبار الأخبار من باب السببيّة والموضوعيّة ، حيث تحدث المصلحة في المؤدّى بعد قيام الخبر ، فيكون تعارض الخبرين ـ حينئذ ـ من باب تزاحم المصلحتين ، فيحكم العقل بالتخيير ، ويكون حكم الشرع بالتخيير مؤكّدا لحكم العقل ، فلا يتعدّى الحكم بالتخيير من مورد تعارض الخبرين إلى ما نحن فيه ، كما لا يخفى.
وأمّا على القول باعتبار الأخبار من باب الطريقيّة ، كما هو الأظهر ، فمقتضى الأصل الأوّلي ـ نظرا إلى حكم العقل فقط ، مع قطع النظر عن أخبار التخيير ـ وإن كان هو التساقط على تقدير عدم شمول أدلّة الاعتبار للمتعارضين ، أو التوقّف على فرض شمولها لهما ، إلّا أنّ حكم الشارع على خلاف الأصل والقاعدة ، وهو التخيير ـ نظرا إلى أخبار التخيير ـ ليس إلّا رعاية للأحكام الواقعيّة ، ورجحان الأخذ بها قدر الإمكان ، وهذا المناط موجود في ما نحن فيه ، فيتعدّى من موردها إلى ما نحن فيه ، فحينئذ يمنع ما ذكر من عدم جواز التعدّي من مورد الخبرين المتعارضين إلى ما نحن فيه ، ولهذا قال المصنّف قدسسره : (إنّ هذا الوجه وإن
__________________
(١) رجال الكشّي ٢ : ٨١٦ / ١٠٢٠. الوسائل ٢٧ : ١٥٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٤٠.