الشبهة.
وبأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، لما عن النهاية :
«إنّ الغالب في الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل ، وفي الوجوب تحصيل مصلحة
____________________________________
وحاصل ما ذكره المصنّف قدسسره أنّه استدلّ على القول الأوّل بوجوه :
منها : إنّ مقتضى قاعدة الاحتياط هو الأخذ بجانب التعيين فيما إذا دار الأمر بين التخيير والتعيين ، كما إذا دار أمر صلاة الظهر يوم الجمعة بين كونها واجبة تعيينا أو تخييرا بينها وبين صلاة الجمعة ، فيجب على المكلّف أن يصلّي الظهر يوم الجمعة ، حتى يحصل له العلم ببراءة الذمّة على كلّ تقدير.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، إذ لو أخذ بالحرمة لحصل العلم ببراءة الذمّة ، إذ على القول بالتعيين فقد أخذ به ، وعلى القول بالتخيير فقد أخذ بأحد طرفي التخيير ، وهذا بخلاف ما إذا أخذ بالتخيير وقدّم جانب الوجوب على الحرمة حيث لا يحصل العلم بالبراءة لاحتمال صحّة القول بالتعيين.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : (بظاهر ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة).
أي : يستدلّ على القول الأوّل بظاهر ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة.
وتقريبه : إنّ ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة يشمل جانب الحرمة دون الوجوب ، لأنّ التوقّف في مقام العمل عبارة عن ترك الدخول في الفعل بارتكاب الشبهة.
وهذا المعنى لا يحصل إلّا بأخذ جانب الحرمة ، لأنّ أخذ جانب الوجوب لازمه هو الفعل ، وبهذا لا يتحقّق معنى التوقّف ، فيتعيّن الأخذ بالحرمة ، لشمول أخبار التوقّف لها ، والأخذ بجانب الوجوب مخالف لها فيتعيّن تركه.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : (وبأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ... إلى آخره).
لأنّ المفسدة من القبائح الذاتيّة يحكم العقل بدفعها ، بخلاف جلب المنفعة حيث يحكم العقل بحسنه ، لكونه موافقا للطبع ، فلا يحكم العقل بحسن جلب المنفعة مجرّدا عن علاقة الطبيعة ، ويحكم بقبح المفسدة مجرّدا عن علاقة الطبيعة ، فيكون دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، كما في تعليقة غلام رضا على الرسائل مع توضيح منّا.
ثمّ يذكر صاحب النهاية ما يكون شاهدا ومؤيّدا لما ذكره من دفع المفسدة أولى من