ينفي جريانها في الشبهة الحكميّة مع أنّ سياق أخبار التوقّف والاحتياط يأبى عن التخصيص من حيث اشتمالها على العلّة العقليّة لحسن التوقّف والاحتياط ، أعني : الحذر من الوقوع في الحرام والهلكة.
فحملها على الاستحباب أولى.
____________________________________
على وجوب التوقّف والاحتياط في مطلق الشبهة ، حكميّة كانت أو موضوعيّة ، إلّا إنّ أخبار الحلّ كالرواية المتقدّمة وأمثالها مخصّصة لعموم أخبار التوقّف والاحتياط ، كانت النتيجة وجوب التوقّف والاحتياط في الشبهة الحكميّة فقط دون الموضوعيّة ، وهو المطلوب.
ولا بدّ أن يكون مراده ذلك (وإلّا فجريان أصالة الإباحة في الشبهة الموضوعيّة لا ينفي جريانها في الشبهة الحكميّة).
وإن لم يكن مراده ما ذكر من التخصيص ، بل كان المراد أنّ أخبار الحلّ تدلّ على الإباحة في الشبهة الموضوعيّة فقط ، لما تمّ ما ذكره من الفرق والتفصيل بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة ؛ وذلك لأنّ جريان أصالة الإباحة في الشبهة الموضوعيّة لأخبار الحلّ لا ينافي جريانها في الشبهة الحكميّة بما دلّ على الإباحة والحليّة فيها كقوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١) من الشارع.
فالحاصل أنّه لا بدّ من الالتزام باختصاص ما دلّ على الإباحة والحليّة بالشبهة الموضوعيّة ، ثمّ الالتزام بكونه مخصّصا لعموم ما دلّ على وجوب التوقّف ، والاحتياط حتى يتمّ التفصيل المذكور ، فيكون التفصيل المتقدّم مبنيّا على التخصيص.
والتخصيص غير صحيح ، لأنّ سياق أخبار التوقّف والاحتياط يأبى عن التخصيص من جهة كونها مشتملة على العلّة العقليّة الجارية في جميع أفراد الشبهة ، وهي الحذر من الوقوع في الحرام والهلكة ، فتخصيص الحكم بوجوب التوقّف والاحتياط ببعض الأفراد ينافي مقتضى العلّة العقليّة المشتركة بينها.
(فحملها على الاستحباب أولى).
أي : حمل أخبار التوقّف والاحتياط على الاستحباب أولى ، سواء كانت الشبهة حكميّة
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.