لأنّ الإذن في كلا المشتبهين ينافي المنع عن عنوان مردّد بينهما يوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم إجمالا في متن الواقع.
وهو ممّا يشهد الاتّفاق والنصّ على خلافه حتى نفس هذه الأخبار ، حيث إنّ مؤدّاها ثبوت الحرمة الواقعيّة للأمر المشتبه.
____________________________________
العلم في وجوب الاجتناب عن الحرام ، فيعود محذور لزوم التناقض لو قلنا بدلالتها على الحلّية في أطراف العلم الإجمالي ، فلا بدّ من اختصاصها بالشبهة البدويّة لئلّا يلزم التناقض ، كما عرفت.
نعم ، لو كان لفظ(بعينه) في الرواية قيدا للعلم المستفاد من قوله : (تعلم) لكان ظاهرا في الانقسام ، لأنّ العلم كلّي ينقسم إلى التفصيلي والإجمالي ، فيكون مفاد الرواية اعتبار العلم التفصيلي في الحرمة ووجوب الاجتناب عن الحرام المعلوم تفصيلا ، وبذلك يعود الإشكال إلّا أنّ القيد يكون قيدا للذات ، وهو الضمير الراجع إلى مصداق الشيء الموجود في الخارج ، كما هو كذلك في نظيره ، وهو بعينه في رأيت زيدا نفسه بعينه ، حيث يكون لفظ(بعينه) قيدا للذات وهو زيد ، لا للفعل وهو الرؤية.
فالمتحصّل من جميع ما ذكرنا هو أنّ الرواية الاولى لا تدلّ على ما ذكر في الإشكال من أنّ غاية الحلّ معرفة الحرام معيّنا وتفصيلا.
وأمّا الرواية الثانية وهي : قوله عليهالسلام : (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعلم الحرام منه بعينه) (١) ، وإن كانت ظاهرة في رجوع لفظ بعينه إلى المعرفة ، فيكون مفاد الرواية ـ حينئذ ـ هو معرفة الحرام بشخصه تفصيلا فتدلّ على أنّ غاية الحلّ هو العلم التفصيلي ، ولا يجب الاجتناب عن الخمر المعلوم إجمالا ، إلّا أنّ هذا الظهور ينافي ما دلّ على حرمة الخمر مطلقا ، كقول الشارع : اجتنب عن الخمر ، حيث يشمل الخمر المشتبه بين أمرين أو امور ، كما عرفت ، فلا بدّ من رفع اليد ـ حينئذ ـ عن هذا الظهور ، لأنّه يقتضي عدم الحكم بحرمة الخمر المعلوم إجمالا في متن الواقع.
(وهو ممّا يشهد الاتّفاق والنصّ على خلافه حتى نفس هذه الأخبار ، حيث إنّ مؤدّاها
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٩. الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢. التهذيب ٧ : ٢٦٦ / ٩٨٨. السرائر ٣ : ٥٩٤.