قلت : حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد احتمال الضرر في تركه لأجل مصادفة الاحتمال للواقع ، فإنّا لمّا علمنا بوجوبه عند الشارع وترتّب العقاب على تركه ، فإذا احتمل العاقل العقاب على تركه ، فإن قلنا بحكومة العقل في مسألة دفع الضرر المحتمل صحّ عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجّة عليه بمخالفة عقله ، وإلّا فلا ، فغرضهم أنّ ثمرة حكومة العقل بدفع الضرر المحتمل إنّما تظهر في الضرر الثابت شرعا مع عدم العلم به من
____________________________________
وحينئذ لا وجه لما ذكر من أنّ وجوب الاجتناب عن المشتبهين إرشادي لا يترتّب عليه إلّا ما يترتّب على الحرام الواقعي من العقاب.
(قلت : حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد احتمال الضرر في تركه لأجل مصادفة الاحتمال للواقع).
وحاصل جواب المصنّف قدسسره هو أنّ ما ذكر من عدم ترتّب العقاب على ترك دفع احتمال الضرر الاخروي إلّا نفسه ـ على تقدير ثبوته واقعا ـ صحيح لا إشكال عليه ، وحكم العدليّة باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد ترك دفع الضرر المحتمل ليس لأجل ترتّب العقاب على ترك دفع الضرر المحتمل ، حتى ينافي كون وجوب دفع الضرر المحتمل عقلا إرشاديّا ، بل لأجل مصادفة احتمال العقاب للواقع ، فلا ينافي الوجوب الإرشادي ؛ وذلك لأنّ العدليّة كانوا قاطعين بوجوب شكر المنعم واستحقاق العقاب على تركه من البراهين العلميّة ، فمن احتمل العقاب في ترك الشكر ليحكم عقله بوجوب الشكر دفعا لاحتمال العقاب في تركه ، فإذا خالف حكم عقله بترك الشكر صحّ للعدليّة أن يقولوا بأنّه مستحقّ للعقاب.
وهذا الحكم منهم ليس من جهة مخالفة هذا الشخص لحكم العقل وكون الحكم المذكور مولويّا ، بل من جهة علمهم بأنّ ما احتمله من العقاب في ترك الشكر مطابق للواقع ، وإن كان لا يعلم تارك الشكر بأنّه مطابق للواقع ، إلّا أنّه خالف ما حكم به عقله ، فقد تمّت الحجّة عليه بواسطة حكم العقل ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : (صحّ عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجّة عليه بمخالفة عقله).
هذا إن قلنا بحكومة العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل كما هو الحقّ.
(وإلّا فلا) ، أي : إن لم نقل بحكومة العقل كما عليه الأشاعرة ، فلا يصحّ عقاب تارك