ماتت فيه فأرة ب (أنّ الله سبحانه حرّم الميتة) (١) ، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر كلّ واحد من المشتبهين فقد حكم بوجوب هجر كلّ ما لاقاه.
وهذا معنى ما استدلّ به العلّامة رحمهالله في المنتهى على ذلك : بأنّ الشارع أعطاهما حكم
____________________________________
الاجتناب عن ملاقيه مضافا إلى ما ذكر ، من أنّ المراد بالاجتناب عن النجس ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه (ما في بعض الأخبار من استدلاله عليهالسلام على حرمة الطعام الذي ماتت فيه فأرة ب (أنّ الله تعالى حرّم الميتة)).
فلا بدّ من ذكر الخبر المشتمل على استدلال الإمام عليهالسلام حتى يتّضح ثبوت الملازمة المذكورة.
أمّا الخبر ، فهو مروي عن الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن النضر بن سويد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت ، فما ترى في أكله؟ قال : فقال أبو جعفر عليهالسلام : (لا تأكله) ، فقال الرجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها ، فقال عليهالسلام : (إنّك لم تستخف بالفأرة ، وإنّما استخففت بدينك ، إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء).
وأمّا تقريب الاستدلال ، فإنّ السائل أراد بقوله : (الفأرة أهون عليّ ... إلخ) أكل السمن أو الزيت الملاقي للفأرة ، فقول الإمام عليهالسلام في مقام التعريض له : (إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء) يدلّ على أنّ نجاسة الملاقي للميتة هي عين نجاسة الميتة وحرمته عين حرمتها ، فالمستفاد من هذا الحكم هو الملازمة والاتّحاد بين الملاقي والملاقى حكما.
والحاصل أنّه يمكن الاستدلال على الملازمة المذكورة بظهور ما دلّ على وجوب الاجتناب عن الشيء ، حيث يكون ظاهرا في وجوب الاجتناب عن ملاقيه ، فما دلّ على وجوب الاجتناب عن المشتبه يدلّ على وجوبه عن ملاقيه ، وهكذا يمكن الاستدلال على الملازمة بالخبر المتقدّم.
(وهذا معنى ما استدلّ به العلّامة رحمهالله في المنتهى على ذلك).
أي : ثبوت التلازم بين الملاقي والملاقى حكما معنى ما استدلّ به العلّامة على وجوب
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٢٠ / ١٣٢٧. الاستبصار ١ : ٢٤ / ٦٠. الوسائل ١ : ٢٠٦ ، أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ب ٥ ، ح ٢.