النجس ، وإلّا فلم يقل أحد : إنّ كلّا من المشتبهين بحكم النجس في جميع آثاره ، أو أنّ الاجتناب عن النجس لا يراد به إلّا الاجتناب عن العين ، وتنجّس الملاقي للنجس حكم وضعي سببي يترتّب للعنوان الواقعي من النجاسات ، نظير وجوب الحدّ للخمر ، فإذا شكّ في ثبوته للملاقي جرى فيه أصل الطهارة وأصل الإباحة.
والأقوى هو الثاني ، أمّا أوّلا ، فلما ذكر ، وحاصله : منع ما في الغنية من دلالة وجوب هجر
____________________________________
الاجتناب عن ملاقي أحد المشتبهين بالنجس ، حيث قال :
(بأنّ الشارع أعطاهما حكم النجس).
أي : يجب الاجتناب عنهما ، كما يجب الاجتناب عن النجس ، ومعناه وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ وعن ملاقيه ، فيرجع استدلال العلّامة إلى الملازمة بين الملاقى والملاقي حكما ، أي : في وجوب الاجتناب فقط لا في جميع الوجوه.
(وإلّا فلم يقل أحد :) إنّ المشتبهين في حكم النجس في جميع آثاره.
(أو أنّ الاجتناب عن النجس لا يراد به إلّا الاجتناب عن العين).
وهذا الكلام من المصنّف قدسسره إشارة إلى الوجه الثاني الذي ذهب إليه المشهور ، وحاصله : هو نفي الملازمة حكما بين وجوب الاجتناب عن المشتبه وعن ملاقيه ، إذ تنجّس الملاقي للنجس ليس معناه حكما تكليفيّا مستفادا من قول الشارع : اجتنب عن النجس ، حتى يكون وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه في المقام مستفادا من قوله : اجتنب عن المشتبه ، بل (وتنجّس الملاقي للنجس حكم وضعي سببي يترتّب للعنوان الواقعي من النجاسات) وهو تنجّس الملاقي بملاقاته للنجس الواقعي ، ثمّ يجب الاجتناب عنه ، كما يجب الاجتناب عن النجس الواقعي ، لأنّ ملاقاة النجس سبب للنجاسة ، وحينئذ إذا شكّ في ثبوت التنجّس للملاقي لأجل الشكّ في نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ (جرى فيه أصل الطهارة وأصل الإباحة) ، أي : يجري في الملاقي أصل الطهارة والإباحة لعدم ثبوت تنجّسه بملاقاة أحد المشتبهين بالنجس.
(والأقوى هو الثاني) ، أي : الوجه الثاني الذي ذهب إليه المشهور.
(أمّا أوّلا فلما ذكر) من أنّ وجوب الاجتناب عن الملاقي ليس إلّا من جهة تنجّسه بالملاقاة للنجس ، لا من جهة الملازمة بين وجوب الاجتناب عن الشيء ووجوب