نعم ، ربّما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها بزعم كونهما في مرتبة واحدة.
لكنّه توهّم فاسد ، ولذا لم يقل أحد في مسألة الشبهة المحصورة بتقديم أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى ـ بالفتح ـ لاعتضادها بأصالة طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ.
____________________________________
فيرجع إليها بعد تعارض الأصلين السببيّين ، ومن الواضح أنّها ليست في مرتبتهما حتى تكون معارضة لاستصحاب النجاسة.
وتوضيح المثال الثاني وهو غسل المحلّ النجس بماءين مشتبهين بالنجس ، بأن يكون غسله بهما على نحو الترتيب والتعاقب ، وحينئذ يعلم إجمالا بغسل المحلّ النجس بماء طاهر ، إلّا أنّه لا يعلم بأنّ الغسل بالماء الطاهر هل كان هو الغسل الأوّل حتى يكون المحلّ نجسا بالغسل الثاني لكونه بالماء النجس ، أو هو الغسل الثاني حتى يصير المحلّ النجس طاهرا؟.
فيرجع الشكّ ـ حينئذ ـ إلى الشكّ في تقدّم الغسل بالماء الطاهر أو تقدّم الغسل بالماء النجس ، فهنا أصالة عدم تقدّم الغسل بالماء الطاهر المقتضية لطهارة المحلّ النجس معارضة بأصالة عدم تقدّم الغسل بالماء النجس المقتضية لنجاسة المحلّ ، فيرجع إلى قاعدة الطهارة.
ومعلوم أنّ الأصلين الأوّلين سببيّان والثالث مسبّبي ، لأنّ الشكّ في كون المحلّ النجس بعد الغسلين طاهرا أو نجسا مسبّب عن الشكّ في تقدّم غسله بالماء النجس حتى يكون طاهرا ، أو بالماء الطاهر حتى يكون نجسا.
(نعم ، ربّما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها بزعم كونهما في مرتبة واحدة).
أي : يتوهّم كون الأصل المسبّبي ـ وهي قاعدة الطهارة في الأمثلة المتقدّمة ـ في مرتبة واحدة مع الأصل السببي ، فتجعل معاضدة لما يوافقها ، فتكون قاعدة الطهارة في مسألة تتميم الماء النجس كرّا معاضدة لاستصحاب الطهارة ، فيطرح استصحاب النجاسة فقط ، وهكذا تكون في مسألة الغسل بالمشتبهين معاضدة لأصالة عدم تقدّم الغسل بالماء الطاهر ، فيحكم بطهارة المحلّ ، وفي مسألة ملاقي أحد المشتبهين معاضدة لأصالة طهارة الملاقى ـ بالفتح ـ فيحكم بطهارة الملاقى والملاقي وبنجاسة الطرف الآخر فقط.
(لكنّه توهّم فاسد) ، لأنّ قاعدة الطهارة ـ كما عرفت ـ أصل مسبّبي متأخّر عن الأصلين