____________________________________
الاحتياط لا الرجوع إلى الاصول الموجودة في تلك الموارد ، كالبراءة والتخيير والاحتياط ، كما يظهر من القائلين بالانسداد ، حيث قالوا :
إنّ مقتضى القاعدة عند انسداد باب العلم التفصيلي بالأحكام الشرعيّة ، وعدم وجوب تحصيل العلم الإجمالي فيها بالاحتياط التام لكونه حرجيّا ، أن يرجع إلى الاصول لا الاحتياط ، وذلك لأنّ القائلين بالانسداد يأخذون بالظنّ بالتكليف احتياطا ، ويأخذون بالظنّ مطلقا أو في الجملة في موارد الظنّ بعدم التكليف رفعا للحرج ، ويرجعون في غير موارد الظنّ بعدم التكليف إلى الاصول الموجودة في تلك الموارد ، فيقال ردّا عليهم :
إنّ الأولى هو الرجوع إلى الاحتياط في غير موارد الظنّ بعدم التكليف ، كموارد الظنّ بالتكليف ، لأنّ الاحتياط في الكلّ يكون حرجيّا ، إلّا أنّه بعد خروج موارد الظنّ بعدم التكليف ليس حرجيّا.
وكون الاحتياط حرجيّا لا يوجب سقوط وجوب الاحتياط ، بل يوجب التبعيض فيه ، كما تقدّم التبعيض فيه في التنبيه الثالث من تنبيهات الشبهة التحريميّة الموضوعيّة ، فراجع ، إذ لا يلزم العسر والحرج بعد التبعيض في الاحتياط بحسب الموارد ، أو بحسب الاحتمالات قوّة وضعفا ، أو بحسب المحتملات.
فالحقّ ـ حينئذ ـ وإن كان الاحتياط في جميع الموارد ، إلّا أنّه مستلزم للعسر والحرج ، فيلتزم بالتبعيض فيه ويحصل التبعيض بتركه في موارد الظنّ بعدم التكليف مطلقا ، حيث لا يرتفع الحرج إلّا به ، أو بتركه في موارد الظنّ بعدم التكليف في الجملة ، حيث يكفي في اندفاع الحرج خروج مورد الظنّ الاطمئناني بعدم التكليف عن الاحتياط ، فيعمل بالظنّ بالتكليف ويرجع إلى الاحتياط في فرض عدم الظنّ بالتكليف ، وأمّا موارد الظنّ الاطمئناني بعدم التكليف ، فيترك الاحتياط فيه ، لأنّ الاحتياط التام يكون حرجيّا.
والحاصل أنّ مقتضى القاعدة في مسألة الانسداد هو الرجوع إلى الاحتياط في غير موارد الظنّ بالتكليف أو بعدمه ، لا إلى الاصول الموجودة في تلك الموارد.
نعم ، إلّا أن يقال : إنّ القائلين بالانسداد يقولون بحجيّة الظنّ بعد بطلان وجوب الاحتياط عندهم ، سواء كانت حجيّة الظنّ بدليل عقلي أو قيام الإجماع ، فحينئذ يصحّ ما