الرابع : إباحة ما يحتمل الحرمة غير مختصّة بالعاجز عن الاستعلام ، بل تشمل القادر على تحصيل العلم بالواقع ، لعموم أدلّته من العقل والنقل.
وقوله عليهالسلام في ذيل رواية مسعدة بن صدقة : (والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غيره أو تقوم به البيّنة) (١) ، فإنّ ظاهره حصول الاستبانة وقيام البيّنة لا بالتحصيل.
وقوله : (هو لك حلال حتى يجيئك شاهدان) (٢).
لكن هذا وأشباهه ، مثل قوله عليهالسلام في اللحم المشترى من السوق : (كل ولا تسأل) (٣) ، وقوله عليهالسلام : (ليس عليكم المسألة ، إنّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم) (٤) ، وقوله عليهالسلام في حكاية
____________________________________
(الرابع : إباحة ما يحتمل الحرمة غير مختصّة بالعاجز عن الاستعلام ، بل تشمل القادر على تحصيل العلم بالواقع ... إلى آخره).
وحاصله بيان الفرق بين الشبهات الموضوعيّة وبين الشبهات الحكميّة ، حيث لا يكون الحكم بالبراءة والإباحة في الشبهات الموضوعيّة مشروطا بالفحص واليأس عن الدليل المعتبر على الحرمة ، بل تجري أصالة الإباحة في الشبهات الموضوعيّة من دون فحص حتى لمن كان متمكّنا من تحصيل العلم بالواقع ؛ وذلك لعموم أدلّته عقلا ونقلا ، فإنّ العقل يحكم بقبح عقاب الجاهل بالموضوع مطلقا ، كما أنّ المستفاد من النقل ، كقوله عليهالسلام :
(في ذيل رواية مسعدة بن صدقة : (والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غيره ، أو تقوم به البيّنة)).
هو أنّ الأشياء كلّها على الإباحة حتى تظهر حرمتها ، أو تقوم البيّنة بحرمتها من الخارج ، فإنّ الظاهر من هذا الذيل هو إباحة الأشياء حتى تحصل الاستبانة بنفسها لا بالفحص ، وحتى تقوم البيّنة كذلك.
وما دلّ على عدم وجوب الفحص مثل قوله عليهالسلام في اللحم المشترى من السوق : (كل ولا تسأل) ، وقوله عليهالسلام في الجلد المشترى : (ليس عليكم المسألة ، إنّ الخوارج ضيّقوا على
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٤ / ٤٠. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.
(٢) الكافي ٦ : ٣٣٩ / ٢. الوسائل ٢٥ : ١١٨ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١ ، ح ٢.
(٣) الكافي ٦ : ٢٣٧ / ٢. الوسائل ٢٤ : ٧٠ ، أبواب الذبائح ، ب ٢٩ ، ح ١.
(٤) الفقيه ١ : ١٦٧ / ٧٨٧. الوسائل ٤ : ٤٥٦ ، أبواب لباس المصلّى ، ب ٥٥ ، ح ١.