لكنّ أكثر ما يوجد من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني ، كما إذا تردّد الغناء المحرّم بين مفهومين بينهما عموم من وجه ، فإنّ مادّتي الافتراق من هذا القسم.
ومثل ما إذا ثبت بالدليل حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة واختلف في تعيينه ،
____________________________________
والحاصل : إنّ الحكم في جميع مسائل الشبهة الحكميّة هو وجوب الاحتياط.
(لكنّ أكثر ما يوجد من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني).
أي : ما يكون اشتباه الحكم فيه من جهة إجمال النصّ ، حيث يصدق إجمال النصّ على ما إذا كان متعلّق الحكم مجملا ، كما تقدّم في بحث البراءة.
(كما إذا تردّد الغناء المحرّم بين مفهومين) ، أي : الصوت المطرب ، والصوت مع ترجيع و (بينهما عموم من وجه) ومادّة الاجتماع هي ما إذا كان الصوت جامعا لكلا الوصفين ، ولا شكّ في كونه حراما.
وإنّما الكلام في مادّتي الافتراق وهي الصوت مع الترجيع من دون الإطراب أو مع الإطراب من دون الترجيع ، وحكمهما هو وجوب الاحتياط عند المصنّف قدسسره ، هذا فيما إذا تردّد الغناء بين كونه صوتا مشتملا على الترجيع وإن لم يكن مطربا ، وبين كونه صوتا مشتملا على التطريب وإن لم يكن مرجّعا ، فيعلم إجمالا بحرمة أحدهما ، فيجب الاحتياط بتركهما معا ، وأمّا لو احتمل كون الغناء مادّة الاجتماع ، لكان مثال الغناء خارجا عن المفروض وداخلا في دوران الأمر في الحرام بين الأقلّ والأكثر.
(ومثل ما إذا ثبت بالدليل حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة واختلف في تعيينه).
فقيل : إنّ المراد منه هو الأذان الثاني بعد الأذان الواقع في وقت ظهر الجمعة ، سواء كان هذا الأذان الثاني بين يدي الخطيب أم على المنارة أم على غيرها ، وعلّل بأنّه بدعة لكونه لم يفعل في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا في عهد الأوّلين ، وإنّما أحدثه عثمان أو معاوية على اختلاف النقلة ، فيكون بدعة وإحداثا في الدين ، كما قيل بأنّه يسمّى ثالثا ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله شرّع في الصلاة أذانا وإقامة ، فالأذان الثاني بالنسبة إليهما يكون ثالثا.
وقيل أيضا : إنّ المراد به أذان العصر ، وسمّي ثالثا لكونه ثالثا بالنسبة إلى أذان الصبح والظهر ، كما في الأوثق ، وكيف كان ، فقد دلّت بعض الروايات على حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة لكونه بدعة ، فيجب ترك ما يحتمل أن يكون منه احتياطا.