فإنّ التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعدّدة بإرادة فرد معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ، مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة ، الذي اتّفق أهل العدل على استحالته ، وكلّ ما يدّعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه ، إذ غاية ما يسلّم في القصر والإتمام والظهر والجمعة وأمثالها ، أنّ الإجماع وقع على أنّ من ترك الأمرين بأن لا يفعل شيئا منهما يستحقّ العقاب ، لا أنّ من ترك أحدهما المعيّن عند الشارع المبهم عندنا بأن ترك فعلهما مجتمعين يستحقّ العقاب.
ونظير ذلك مطلق التكليف بالأحكام الشرعيّة ، سيّما في أمثال زماننا على مذهب أهل الحقّ من التخطئة ، فإنّ التحقيق الذي ثبت علينا بالدليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من
____________________________________
الاحتياط في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام ـ قال : إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه).
وحاصل كلام المحقّق القمّي قدسسره هو عدم وجوب الاحتياط في المقام ، حيث قال بعد نقل كلام المحقّق الخوانساري الظاهر في وجوب الاحتياط : إنّ دقيق النظر يقتضي خلاف ما ذهب إليه المحقّق الخوانساري قدسسره من وجوب الإتيان بجميع المحتملات حتى يحصل اليقين ببراءة الذمّة ، ثمّ قال :
(فإنّ التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعدّدة بإرادة فرد معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ، مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة ، الذي اتّفق أهل العدل على استحالته).
ثمّ إنّ دوران الواجب يوم الجمعة بين الظهر والجمعة في المقام ـ سواء كان لعدم النصّ أو إجماله ، أو تعارض النصّين ـ يكون من هذا القبيل ، فيكون قبيحا فلا يجوز للشارع التكليف بالمجمل ، بل يجب عليه البيان لئلّا يلزم ما ذكر من المحذور ، ولازم ذلك عدم تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي ، لأنّه يستلزم التكليف بالمجمل. إلى أن قال بما حاصله : من أنّ غاية ما يسلّم في القصر والإتمام والظهر والجمعة وأمثالها أنّ الإجماع قام على عدم جواز ترك كلا الأمرين واستحقاق العقاب بتركهما معا ، لا على وجوب الإتيان بكلا المحتملين واستحقاق العقاب على ترك أحدهما ، فالمتحصّل هو عدم وجوب الاحتياط في المقام حتى يحصل العلم بإتيان الواقع المعيّن عند الشارع والمجهول عند المكلّف ، غاية الأمر لا يجوز ترك كلا الأمرين من جهة قيام الإجماع على عدم جواز ترك الكلّ.
(ونظير ذلك مطلق التكليف بالأحكام الشرعيّة ... إلى آخره).