الأدلّة الظنّيّة ، لا تحصيل الحكم النفس الأمري في كلّ واقعة ، ولذا لم نقل بوجوب الاحتياط وترك العمل بالظنّ الاجتهادي من أوّل الأمر.
نعم ، لو فرض حصول الإجماع أو ورود النصّ على وجوب شيء معيّن عند الله تعالى مردّد عندنا بين امور من دون اشتراط بالعلم به ، المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ، لتمّ ذلك.
____________________________________
أي : نظير ما ذكره في عدم وجوب الاحتياط بتحصيل الواقع مطلق التكليف بالأحكام الشرعيّة ، حيث يكفي في تحصيلها ما يمكننا تحصيله من الظنّ الاجتهادي ، ولا يجب تحصيل الحكم الواقعي في كلّ واقعة حتى يجب الاحتياط بإتيان كلّ محتمل الوجوب ، وترك كلّ محتمل الحرمة ، فيجوز ـ حينئذ ـ ترك العمل بالظنّ الاجتهادي من أوّل الأمر ، وهو خلاف الضرورة والوجدان.
ثمّ قال المحقّق القمّي قدسسره ـ بتصرّف وتوضيح ـ :
(نعم ، لو فرض حصول الاجماع أو ورود النصّ على وجوب شيء معيّن عند الله تعالى مردّد عندنا بين امور من دون اشتراط بالعلم به ، المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ، لتمّ ذلك).
أي : ما ذكر من وجوب الاحتياط وإتيان كلّ ما يحتمل أن يكون واجبا عند الله تعالى ، إلّا أنّ ذلك مبني على قيام إجماع ، كما لو اتّفق العلماء على وجوب الصلاة الوسطى من دون علمهم بالمراد من الصلاة الوسطى المردّدة بين الظهر والجمعة.
أو ورود نصّ من الإمام عليهالسلام بأن يقول لمخاطبه : صلّ الوسطى ، ولم يبيّن المراد من الصلاة الوسطى لمصلحة ، فلازم كلا الدليلين هو عدم اشتراط العلم بما هو الواجب عند الله تعالى المستلزم لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ، فيجب ـ حينئذ ـ إتيان جميع ما يحتمل أن يكون واجبا ، فيكون ـ حينئذ ـ وجوب الاحتياط من المتيقّن ، ولذلك لا يحسن ما ذكره المحقّق الخوانساري من أنّه لا يبعد القول بوجوب الاحتياط حينئذ ، لأنّ هذا التعبير لا يناسب ما إذا كان وجوب الاحتياط قطعيّا ، كما هو المفروض بعد قيام الدليل على التكليف بما هو معيّن عند الله تعالى ومردّد بين امور عندنا.
وقد أشار إلى هذا الإشكال على تعبير المحقّق الخوانساري قدسسره بقوله :