وإلّا فما يقتضيه العقل من البراءة والاحتياط ، ونحن ندّعي أنّ العقل حاكم بعد العلم
____________________________________
المصلحة فيه ، مضافا إلى أنّه لم يدلّ دليل على قبح الخطاب بالمجمل مطلقا هذا أوّلا.
وثانيا : لا إجمال في الخطاب في المقام أصلا ، إذ لم يكن الخطاب بالنسبة إلى المشافهين مجملا أصلا ، وإنّما طرأ الإجمال بالنسبة إلينا لأجل بعض الامور الخارجيّة ، كعدم الضبط أو فقد بعض الكتب أو التحريف ، بينما كان الخطاب الصادر من الشارع مبيّنا ، وهو قوله : «صلّ الظهر» أو «صلّ الجمعة» ، ثمّ تردّد بين أمرين لأسباب طارئة ، وقد عرفت بعضها ، ولا يجب على الشارع الحكيم إزالة ما طرأ من الاشتباه حتى يقال : يلزم من عدم البيان وبقاء الإجمال على حاله تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح ، بل القبيح هو التكليف بالمجمل الذاتي لا إبقاء التكليف بالمجمل العرضي ، بل يجب على المكلّف عند اختفاء الحكم عليه الرجوع إلى ما قرّره الشارع للجاهل من البراءة أو الاحتياط ، فإن لم يتمكّن من أدلّة البراءة من استفادة الحكم لعدم شمولها موارد العلم الإجمالي ، ولا من أدلّة الاحتياط وجوب الاحتياط لما تقدّم من المناقشة فيها.
فيرجع إلى ما يحكم به العقل من البراءة إن حكم بعدم تنجّز التكليف ، إلّا بالعلم التفصيلي ، أو الاحتياط إن حكم بتنجّزه بالعلم الإجمالي ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى حكم العقل بقوله : (وإلّا فما يقتضيه العقل من البراءة والاحتياط).
والحقّ عند المصنّف قدسسره أنّ العقل حاكم على الأخذ بأحد الاحتمالين المعيّن أو المخيّر فيما لم يمكن الأخذ بهما معا ، والأخذ بكلا الاحتمالين فيما يمكن الاحتياط والأخذ بهما معا ، لأنّ العقل يحكم بتنجّز التكليف بالعلم الإجمالي كالعلم التفصيلي ، ولازمه وجوب الاحتياط فلا يكون المقام من مصاديق التكليف بالمجمل بالأصالة حتى يكون قبيحا ، مع أنّ قبح التكليف بالمجمل من جهة كونه مستلزما للتكليف بما لا يطاق وهو منتف في المقام. هذا على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
ولا بأس بذكر ما في تعليقة غلام رضا في المقام ، فإنّ ما ذكره في هذا المقام وإن كان مفصّلا إلّا أنّه مفيد لأهل التحقيق والتفصيل ، حيث قال ـ في شرح كلام المصنّف قدسسره (أمّا ما ذكره الفاضل القمّي قدسسره من حديث التكليف المجمل ... إلى آخره) ـ : «للمناقشة فيه مجال ، وبيانها مبني على ذكر امور :