بالوجوب والشكّ في الواجب ، وعدم الدليل من الشارع على الأخذ بأحد الاحتمالين المعيّن
____________________________________
أحدها : إنّ لنا مسألتين : مسألة التكليف بالمجمل ، ومسألة الخطاب بالمجمل ، ونعني بالاولى ما يكون معروض القبح فيه وعدمه صرف التكليف ، ولا ريب أنّ التكليف بعد تعريته عن جهة التخاطب لا يبقى في موضوع القبح فيه إلّا صرف المؤاخذة ، فيرجع الكلام فيه إلى أنّ المؤاخذة عليه قبيح أم لا؟ وهذا بعينه ما هو محلّ الكلام في المقام ؛ ولذا لم نر لها في الاصول أثرا ولا عنوانا ، إلّا في المقام.
والنسبة بينهما هي عموم من وجه ، مادّة الاجتماع هي جميع التكاليف المشتملة على جهة التخاطب إذا كان فيها إجمال ، ومادّة الافتراق من طرف الثانية هي جميع الخطابات المعرّات عن عنوان التكليف ، ومادّة الافتراق من طرف الاولى ما إذا أعطى المولى عبده طومارا قائلا : إنّه إذا خرجت من البلد ، فافتحه ، واعمل بما فيه. وهو يعلم إجمالا أنّ المكتوب فيه هو المسافرة ، لكنّه لا يعلم أنّ الموضع المأمور بالمسافرة إليه هو الحلّة أو بغداد مثلا ، فظهر في أثناء الطريق ريح عاصف رفع الطومار من يده إلى السماء ، فلا يبقى عنده إلّا تكليف صرف معرّى عن عنوان التخاطب.
إلى أن قال : إنّ تحت هذه المسألة ـ أو المسألة الثانية ـ عنوانين :
أحدهما : تأخير البيان عن الخطاب.
والآخر : تأخيره عن وقت الحاجة.
أمّا الأوّل ، فقد نسب إلى المشهور جواز تأخير البيان فيه.
وأمّا الثاني ، فقد تحقّق اتّفاق أهل العدل فيه على عدم الجواز.
واستدلّ له ؛ تارة : بأنّ التأخير عن وقت الحاجة تكليف بما لا يطاق ، إذ هو في ذلك الوقت مكلّف بإتيان المراد وهو غير عالم به.
واخرى : بأنّه مستلزم للإغراء بالجهل وهو قبيح.
وثالثة : بأنّه مستلزم لنقض الغرض ، ضرورة أنّ الغرض من التكليف إنّما هو البعث على الامتثال ، وإذا كان الامتثال موقوفا على البيان من المولى ولم يصل منه ، فهو نقض للغرض.
ورابعة : بأنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة بنفسه من القبائح الذاتيّة الخطابيّة ، وإن لم يكن فيه قبح عملي ضرورة أنّ الخطاب بالمجمل ـ مع فرض عدم المانع من البيان ، وكون