وخروج الجاهل لا دليل عليه ، لعدم قبح تكليف الجاهل بالمراد من المأمور به إذا كان قادرا على استعلامه من دليل منفصل ، فمجرّد الجهل لا يقبّح توجّه الخطاب ، ودعوى : «قبح توجّهه إلى العاجز عن استعلامه تفصيلا ، القادر على الاحتياط فيه بإتيان المحتملات» أيضا ممنوعة ، لعدم القبح فيه أصلا.
____________________________________
أي : بل وجوب الاحتياط هنا أولى منه في المسألة السابقة.
وذلك لأنّ الخطاب في هذه المسألة معلوم تفصيلا ومتوجّه إلى المكلّفين جميعا ، فيحكم العقل بوجوب الاحتياط فيها من جهة العلم بالخطاب ، وهذا بخلاف المسألة الاولى ، حيث لم يكن الخطاب فيها معلوما ، لأنّ المفروض فيها عدم النصّ ، والعلم بتعلّق التكليف بأحد الموضوعين كان من جهة الإجماع ، فإذا حكم العقل بوجوب الاحتياط فيها مع عدم الخطاب المعلوم تفصيلا ، يحكم بوجوبه في هذه المسألة أيضا بطريق أولى.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى منع الأولويّة بأحد وجهين :
الأوّل : إنّ العلم التفصيلي بالخطاب المجمل الذي لا أثر لوجوده بعد إجماله وعدم تبيّن المراد منه غير مجد في حكم العقل بوجوب الاحتياط ، فيكون حكمه بوجوب الاحتياط من جهة العلم الإجمالي بالتكليف الوجوبي.
ثمّ إنّ العلم الإجمالي بالتكليف مشترك بين المسألتين ، غاية الأمر سبب العلم الإجمالي في المسألة الاولى هو الإجماع ، وفي هذه المسألة هو الخطاب المجمل ، فحكم العقل بوجوب الاحتياط في كلتا المسألتين يكون من جهة العلم الإجمالي بالتكليف من دون فرق بينهما أصلا ، ولذلك لا يبقى مجال لأولويّة إحداهما على الاخرى.
والثاني : إنّ الخطاب الموجود في هذه المسألة مختصّ بالمشافهين فلا يشمل المعدومين والغائبين ، فحينئذ يكون حال إجمال النصّ بالنسبة إلينا ـ المعدومين ـ حال الخطاب كحال عدم النصّ ، فلا وجه لأولويّة وجوب الاحتياط في المسألة الثانية على الاولى بعد رجوعهما إلى عدم النصّ بالنسبة إلينا.
قوله : (وخروج الجاهل لا دليل عليه) دفع للتوهّم ، وقيل : إنّ المتوهّم هو المحقّق القمّي قدسسره.
وملخّصه أنّ التكليف بالمجمل قبيح ، وحينئذ لا يتنجّز التكليف على الجاهل ، فيكون