بالاحتياط عن المكلّف.
فإن قلت : إنّ بناء العقلاء على وجوب الاحتياط في الأوامر العرفيّة الصادرة من الأطبّاء أو الموالي ، فإنّ الطبيب إذا أمر المريض بتركيب معجون ، فشكّ في جزئيّة شيء له مع العلم بأنّه غير ضارّ له فتركه المريض مع قدرته عليه استحقّ اللّوم ، وكذا المولى إذا أمر عبده بذلك.
____________________________________
ينصب دليلا أو نصب واختفى) هذا دفع لما يتوهّم من الفرق بين فرض عدم نصب الطريق من قبل المولى وبين نصبه واختفائه على العبد ، بأنّ حكم العقل بقبح المؤاخذة إنّما هو يصح في الصورة الاولى دون الثانية ، فحينئذ تصحّ دعوى وجوب الاحتياط في الثانية والبراءة في الاولى ، وما نحن فيه من قبيل الثانية دون الاولى ، فيجب الاحتياط فيه ، ولا يلزم من القول بالبراءة في الاولى القول بها في الثانية ، وخلاصة التوهّم هو وجوب الاحتياط فيما نحن فيه.
وحاصل الدفع هو عدم الفرق بين الصورتين على القول بالبراءة والاحتياط ، فإن قيل بالبراءة في إحداهما قيل بها في الاخرى وبالعكس.
غاية الأمر على القول بالبراءة تكون المؤاخذة في الصورة الاولى أقبح من المؤاخذة في الصورة الثانية ، ووجه التسوية وعدم الفرق بين الصورتين على القول بالبراءة واضح ، وأمّا على القول بالاحتياط فغاية ما يتصوّر من الفرق بينهما هو قبح ترك نصب الطريق في الصورة الاولى ، إلّا أنّ هذا لا يوجب رفع التكليف بالاحتياط عن المكلّف على فرض كون العلم الإجمالي بالتكليف علّة تامّة لحكم العقل بوجوب الاحتياط ، كما هو كذلك في دوران الواجب بين المتباينين.
(فإن قلت : إنّ بناء العقلاء على وجوب الاحتياط في الأوامر العرفيّة الصادرة من الأطبّاء أو الموالي ... إلى آخره).
ربّما يستدلّ على وجوب الاحتياط وعدم جريان البراءة العقليّة في المقام بما ملخّصه : إنّ العقل يحكم مستقلا بوجوب الاحتياط في المقام ؛ وذلك من جهة إلزامه بوجوب دفع الضرر المحتمل المنكشف من بناء العقلاء على الاحتياط في الأوامر العرفيّة الصادرة من الموالي إلى العبيد ومن الأطباء إلى المرضى ، فكما أنّ المريض المأمور من قبل الطبيب