لطف في غيره ، فنحن نتكلّم فيها على مذهب الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح رأسا ، أو مذهب بعض العدليّة المكتفين بوجود المصلحة في الأمر وإن لم يكن في المأمور به.
____________________________________
لطف في غيره).
وقبل بيان ما أورده المصنّف قدسسره على الإشكال المذكور من الوجهين ، نذكر ما ذكره الاستاذ الاعتمادي ردّا لما ذكر في ذيل الإشكال المذكور ، وهو قوله : (فاللّطف إمّا هو المأمور به حقيقة أو غرض للآمر).
وتقريب الإشكال والردّ هو أنّ اللّطف ليس مأمورا به ولا غرضا للآمر ، بل المأمور به هو نفس العبادة المطلوب بها الطاعة ، فما ذكر من أنّ (اللّطف إمّا هو المأمور به أو غرض للآمر) لا يرجع إلى محصّل صحيح.
هذا مضافا إلى ما ذكره المصنّف قدسسره من الوجهين ، وقد أشار إلى الأوّل بقوله : (مسألة البراءة والاحتياط غير مبنيّة على كون كلّ واجب فيه مصلحة) كما يقول به العدليّة ، بل يبحث عنها على مذهب الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح العقليين ، فلا تكون الأحكام ـ حينئذ ـ تابعة للمصالح والمفاسد ، بل هي معلولة لإرادة الله تعالى من غير لحاظ المصالح والمفاسد فيها ، وبذلك لا يبقى ـ حينئذ ـ مجال لما ذكر من وجوب الاحتياط ، حتى يحصل العلم بحصول المصلحة التي يكون المقصود من الآمر تحصيلها ؛ إمّا لأجل كونها من قبيل العنوان أو من قبيل الغرض.
هذا ، إلّا أنّ ابتناء هذه المسألة على مذهب الأشاعرة مورد للإشكال أوّلا ، لبطلان ما ذهب إليه الأشاعرة من إنكار التحسين والتقبيح العقليين ، وثانيا أنّ بناء المسألة على هذا المذهب يتنافى مع التمسّك بالبراءة العقليّة استنادا إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وكيف كان فيمكن الجواب عن أصل الإشكال بأن المسألة وإن لم تكن مبتنية على مذهب الأشاعرة ، إلّا أنّها يمكن أن تكون مبنيّة على مذهب بعض العدليّة كما أشار إليه بقوله : (أو مذهب بعض العدليّة) كالمحقّق الخوانساري والسيد الصدر وصاحب الفصول قدسسرهم على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته.
(المكتفين بوجود المصلحة في الأمر وإن لم يكن في المأمور به) كتوطين النفس ، وتحمّل المشاق لينالوا بذلك السعادة الأبديّة ، كما أنّ الأمر كذلك في الأوامر الامتحانيّة والظاهريّة