وأمّا الرابع ، فلأنّه يكفي في قصد القربة الإتيان بما علم من الشارع الإلزام به وأداء تركه إلى استحقاق العقاب لأجل التخلّص عن العقاب ، فإنّ هذا المقدار كاف في نيّة القربة المعتبرة في العبادات حتى لو علم بأجزائها تفصيلا.
وأمّا الخامس ، فلأنّ وجوب المقدّمة فرع وجوب ذي المقدّمة ، وهو الأمر المتردّد بين الأقلّ والأكثر ، وقد تقدّم أنّ وجوب المعلوم إجمالا مع كون أحد طرفيه متيقّن الإلزام من الشارع ولو بالالزام المقدّمي غير مؤثر في وجوب الاحتياط ، لكون الطرف الغير المتيقّن
____________________________________
إحرازها من الخارج ، فإذا احتملنا في المقام أنّ تكليف الحاضرين بالأكثر كان من جهة علمهم تفصيلا بوجوبه لم ينفع ذلك في الحكم بوجوب الاحتياط علينا مع جهلنا بالخطاب ؛ وذلك لاختلاف الصنف.
نعم ، لو ثبت لنا أنّ تكليف الحاضرين مع جهلهم بالمكلّف به ، في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر هو وجوب الاحتياط ثبت وجوب الاحتياط علينا بقاعدة الاشتراك ، إلّا أنّ هذا الاحتمال لم يثبت لأنّه عين الدعوى ، وكيف كان فإنّ التمسّك بالكبرى مع الشكّ في الصغرى غير صحيح.
(وأمّا الرابع ، فلأنّه يكفي في قصد القربة الإتيان بما علم من الشارع الإلزام به).
أي : الوجه الرابع على وجوب الاحتياط والإتيان بالأكثر هو أنّ العبادة تحتاج إلى قصد القربة وهو لا يحصل إلّا بالواجب النفسي ، ولذلك لا يحصل بإتيان الأقلّ لاحتمال كونه واجبا غيريّا ، ولهذا يجب الاحتياط بإتيان الأكثر لكي تحصل فيه القربة.
وحاصل الجواب : إنّ قصد القربة بالفعل الواجب لا يتوقف على العلم بكونه مطلوبا نفسيّا ، بل يكفي فيه العلم بالمطلوبيّة في الجملة ؛ لأنّ المراد بالقربة هو التقرّب المعنوي ، وهو له مراتب أعلاها العبادة من جهة استحقاق المعبود للعبادة ، وأدناها العبادة طمعا في الجنة أو خوفا من النار ، والذي يكفي في حقّ عامّة المكلّفين هو الأخير ، وهو يحصل بإتيان الأقلّ على ما في تعليقة غلام رضا قدسسره.
(وأمّا الخامس ، فلأنّ وجوب المقدّمة) ، أي : وجوب الاحتياط من باب وجوب المقدّمة (فرع وجوب ذي المقدّمة ، وهو الأمر المتردّد بين الأقلّ والأكثر ، وقد تقدّم أنّ وجوب المعلوم إجمالا مع كون أحد طرفيه متيقّن الإلزام من الشارع ولو بالإلزام المقدّمي غير مؤثر في