المركّب المشتمل على ذلك الجزء ثانيا.
وأمّا ما استشهد به من فهم الأصحاب وما ظهر بالتفحّص ، ففيه : إنّ : أوّل ما يظهر للمتفحّص في هذا المقام أنّ العلماء لم يستندوا في الأصلين المذكورين إلى هذه الأخبار ، أمّا أصل العدم ، فهو الجاري عندهم في غير الأحكام الشرعيّة أيضا من الأحكام اللفظيّة ، كأصالة عدم القرينة وغيرها ، فكيف يستند فيه بالأخبار المتقدّمة؟.
____________________________________
شرعيّا غير الحكم التكليفي ... إلى آخره).
وحاصل ما أورده المصنّف قدسسره ثانيا : هو أنّ الأحكام الوضعيّة ليست مجعولة على نحو الاستقلال شرعا ، بل امور منتزعة من الأحكام التكليفيّة ، حيث تكون الجزئيّة منتزعة من حكم تكليفي ، وهو ما أشار إليه بقوله : (إيجاب المركّب المشتمل على ذلك الجزء) ، فإذا لم تكن مجعولة لا ترفع بأخبار البراءة ؛ لأنّ الشارع يرفع ما يكون مجعولا له بالأصالة ، وهو ليس كذلك.
وأمّا الجهة الثانية فقد أشار إليها قدسسره بقوله :
(وأمّا ما استشهد به من فهم الأصحاب وما ظهر بالتفحّص ، ففيه : إنّ أوّل ما يظهر للمتفحّص في هذا المقام أنّ العلماء لم يستندوا في الأصلين المذكورين إلى هذه الأخبار) ؛ لأنّ مورد أصل العدم أعمّ من نفي الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، حيث يجري في الأحكام اللفظيّة كأصالة عدم القرينة وعدم النقل ، فكيف يكون مستندا إلى أخبار البراءة المختصّة بالأحكام الشرعيّة مطلقا لو لم نقل باختصاصها بنفي الأحكام التكليفيّة فقط؟.
فحينئذ لا يصحّ أن يكون أصل العدم مستندا إلى أخبار البراءة حتى يقال بأنّهم فهموا منها العموم ، وقد أشار إلى عموم مورد أصل العدم بقوله : (أمّا أصل العدم ، فهو الجاري عندهم في غير الأحكام الشرعيّة أيضا). هذا تمام الكلام في أصل العدم ، حيث لم يكن مستندا إلى أخبار البراءة على ما تخيّله صاحب الفصول قدسسره ، وهكذا أصل عدم الدليل دليل العدم لم يكن مستندا إلى أخبار البراءة ، بل يكون مستندا إلى شيء آخر وهو حصول القطع بعدم الشيء بعد الفحص عن وجود دليل دالّ عليه ؛ وذلك لأنّ المجتهد الخبير بالمدارك الشرعيّة إذا بذل جهده في تحصيل الدليل ولم يجده يحصل له القطع أو الظنّ الاطمئناني بعدم وجود الدليل ، ويحصل منه القطع أو الظنّ بعدم الحكم في الواقع ، هذا