فوجوب الجزء في ضمن الكلّ عين وجوب الكلّ ، ووجوبه المقدّمي بمعنى اللّابدّيّة لازم له غير حادث بحدوث مغاير كزوجيّة الأربعة ، وبمعنى الطلب الغيري حادث مغاير ، لكن لا
____________________________________
وجوب الكلّ ، والفرق بينهما اعتباري ، وقد أشار إلى وجوب الجزء بهذا المعنى بقوله : (فوجوب الجزء في ضمن الكلّ عين وجوب الكلّ).
ومنها : أن يكون المراد منه هو الوجوب اللغوي للجزء ، بمعنى اللّابدّية ، أي : لا بدّ من وجود الجزء للإتيان بالكلّ ، كما أشار إليه بقوله : (ووجوبه المقدّمي بمعنى اللّابدّيّة لازم له ... إلى آخره).
ومنها : أن يكون المراد منه هو الوجوب الغيري الذي وقع النزاع فيه في مسألة مقدّمة الواجب ، كما أشار إليه بقوله : (وبمعنى الطلب الغيري حادث مغاير ... إلى آخره).
وبعد هذه المقدّمة نقول : إنّ أصالة عدم وجوب الجزء في جميع المعاني المذكورة محلّ اشكال.
أمّا المعنى الأوّل ؛ فلأنّ أصالة عدم وجوب الجزء بهذا المعنى يرجع إلى أصالة عدم وجوب الكل ـ أعني : الأكثر ـ وقد تقدّم الإشكال فيه في الأصل الأوّل.
وأمّا المعنى الثاني ، فيردّ عليه :
أوّلا : إنّ الوجوب بهذا المعنى يكون لازما لماهيّة الجزء ، كالزوجيّة بالنسبة إلى الأربعة ، فلا يتصوّر فيه عدم الوجوب المنفكّ عن الجزئيّة حتى يجري فيه استصحاب عدم الوجوب ، وهذا الإشكال يرجع إلى عدم الحالة السابقة المتيقّنة لعدم الوجوب بهذا المعنى.
وثانيا : إنّه يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب نفسه حكما شرعيّا أو ممّا يترتّب عليه أثر شرعيّ ، والمستصحب في المقام ـ أعني : اللّابدّيّة ـ ليس حكما شرعيّا حتى يستصحب عدمه ، بل هو أمر انتزاعيّ لا يترتّب عليه أيّ أثر شرعي.
وأمّا المعنى الثالث ، فيردّ عليه بأنّه أصل مثبت ، إذ لا يترتّب على استصحاب عدم وجوب الجزء إلّا تعيين الماهيّة في الأقلّ ، وهو أثر عقليّ لا يترتّب على المستصحب إلّا على القول بحجيّة الأصل المثبت.
هذا تمام الكلام في الإشكال على هذا الأصل ، وبما تقدّم يظهر وجه كون هذا الأصل