وفي جريان ذلك في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب وجهان ، أقواهما العدم ، لأن العبادة لا بدّ فيها من نيّة التقرّب المتوقّفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا ، كما في كلّ من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة.
وما ذكرنا من ترتّب الثواب على هذا الفعل لا يوجب تعلّق الأمر به ، بل هو لأجل كونه
____________________________________
المعصية ، بمعنى : أن المتجرّي يعاقب عليه كما يعاقب عليها.
والمستفاد من كلام المصنّف قدسسره هو أنّ الحكم بترتّب الثواب على الاحتياط أولى من الحكم بالعقاب على التجرّي ، وذلك ؛ إمّا لما قلنا من : أنّ الثواب على الانقياد يمكن أن يكون من باب التفضّل ، لأنّ التفضّل يناسب رحمة الله تعالى التي سبقت غضبه ، أو لما في شرح الاستاذ الاعتمادي من أنّ الاحتياط مستلزم للموافقة القطعيّة ، وتركه ليس مستلزما للمخالفة القطعيّة.
(وفي جريان ذلك في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب وجهان ، أقواهما العدم ... إلى آخره).
أي : في جريان الاحتياط في العبادات ، فخرج بقيد العبادات التوصّليّات ، حيث لا إشكال في جريانه فيها ، وخرج بقوله : عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب حيث يجري فيه الاحتياط ، وذلك للعلم بالأمر فيه كما تقدّم.
وبذلك يقتصر محلّ النزاع في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب من الكراهة أو الإباحة.
والأقوى عند المصنّف قدسسره عدم جريان الاحتياط في العبادات (لأنّ العبادة لا بدّ فيها من نيّة التقرّب المتوقّفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا ... إلى آخره).
فعباديّة الفعل لا تتحقّق إلّا بإتيان الفعل الواجب بجميع ما يعتبر فيه ، ومنه نيّة التقرّب المتوقّفة على العلم بالأمر ، والمفروض انتفاء العلم بالأمر ، فكيف يتمكّن المكلّف من قصد امتثال الأمر المعتبر في العبادات احتياطا؟!
ثمّ يشير المصنّف قدسسره إلى وجوه ذكرها القائلون بإمكان الاحتياط في العبادات :
منها : ما أشار إليه بقوله : (وما ذكرنا من ترتّب الثواب على هذا الفعل لا يوجب تعلّق